والأقوى كونه مأمورا به فقط ولا يكون منهيّا عنه ، ولا يفترق فيه النهي السابق واللاحق. ولعلّه ظاهر الفقهاء حيث حكموا بصحّة الصلاة في حال الخروج ، كما عرفت في كلام العلاّمة (١). وقد صرّح صاحب المدارك : بعدم كون الخروج معصية وأنّ القول بجريان حكم المعصية عليه غلط صدر عن بعض الاصوليّين (٢). وقد عرفت ما نقلنا من كلام السيّد في الذريعة : فإنّه صريح في كون الخروج بنيّة التخلّص مأمورا به ، وكذا المجامع زانيا له الحركة بقصد التخلّص دون غيره (٣).
لنا على كون الخروج مأمورا به : أنّ التخلّص عن الغصب واجب عقلا وشرعا ولا شكّ أنّ الخروج تخلّص عنه بل لا سبيل إليه إلاّ بالخروج فيكون واجبا على وجه العينيّة ، وعلى عدم كونه منهيّا عنه : ما ستعرف في تزييف احتجاج الأقوال المذكورة.
حجّة القول بكونه مأمورا به ومنهيّا عنه :
هو أنّ المقتضي ـ وهو إطلاق الأدلّة الدالّة على حرمة الغصب ووجوب التخلّص عنه ـ موجود ولا مانع منه ، لأنّ المانع إمّا اجتماع الضدّين أو التكليف بما لا يطاق ، وشيء منهما لا يصلح لذلك.
أمّا الأوّل : فلما عرفت من إجداء الجهتين في اجتماعهما.
وأمّا الثاني : فلأنّه لا نسلّم بطلان التكليف بما لا يطاق فيما إذا كان المكلّف سببا له ، فإنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار (٤).
__________________
(١) راجع الصفحة ٧٠٧.
(٢) المدارك ٣ : ٢١٩.
(٣) راجع الصفحة ٦١٠.
(٤) القوانين ١١٥٣ ـ ١٥٤.