وعرّفها في القوانين بما لم يعلم انحصار المصلحة فيها في شيء (١).
واعترض عليه بعض الأجلّة (٢) ، تارة : بانتقاض طرده بتوجيه الميّت إلى القبلة ، فإنّه ليس من العبادات قطعا ، مع أنّ مصلحة الفعل المأمور به غير معلوم انحصارها في شيء.
واخرى : بانتقاض عكسه بنحو الوضوء ، فإنّ مصلحته معلومة ـ وهي الطهارة لأجل الدخول في المشروط بها ـ مع أنّه من العبادات قطعا.
ويمكن توجيه ما أفاده بوجه لا يتوجّه عليه شيء ، كأن يقال : إذا علم انحصار مصلحة الواجب في شيء ، فبعد العلم بوجود تلك المصلحة يعلم بسقوط الطلب ، فيكون الواجب توصّليّا مثل التوجيه إلى القبلة ، فإنّ المصلحة في التوجيه ليس إلاّ حصول التوجّه إلى القبلة ، وبعد العلم بوجود التوجّه لا يبقي للأمر محلّ. وإذا لم يعلم انحصار المصلحة في شيء فلا يعلم سقوط الطلب إلاّ أن يكون الداعي في الإتيان بالفعل هو الأمر ، فإنّه يوجب السقوط قطعا ، وهذا بعينه هي القربة.
وعلى ما ذكرنا لا يرد عليه شيء من الإيرادين ، أمّا الأوّل ؛ فلما عرفت من معلوميّة المصلحة. وأمّا الثاني ؛ فلأنّ الكلام في انحصار المصلحة في شيء معلوم ، والطهارة غير معلومة ، ولذلك كانت عبادة. وقد ذكرنا في مباحث المقدّمة ما ينفع في المقام.
وأمّا الثاني ـ وهو غير العبادة ـ فهو على قسمين : فتارة يكون من الامور التي يتصوّر فيها الاتّصاف بالصحّة والفساد كغسل النجاسات والعقود والإيقاعات ، واخرى يكون من الامور التي لا تتّصف بهما.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٥٤.
(٢) الفصول : ١٣٩.