الأوّل : أن يكون الباقي ممّا يترتّب عليه ما يترتّب على التام ، ويوجد فيه الخاصيّة بدون الجزء الفاقد أيضا ، كما عرفت في لفظ « الإجماع » ، فإنّ خاصّية اتّفاق الكلّ موجودة في اتّفاق البعض الكاشف عن قول الحجّة.
والثاني : أن لا يكون كذلك ، بل يزول الخاصّية بزوال الجزء الفاقد ، كما هو قضيّة الجزئيّة غالبا.
فالأوّل في نظر العرف صار عين الموضوع له حقيقة ، بحيث لا يلتفتون إلى التسامح في إطلاقه عليه ، فلا حاجة إلى ملاحظة القرينة الصارفة في الاستعمال ؛ ولهذا يتراءى في الأنظار أنّ اللفظ موضوع للقدر المشترك بين القليل والكثير مع أنّه غير معقول ، أو الاشتراك اللفظي ـ كما عرفت مرارا (١) ـ حتّى أنّه لو شكّ في تعيين مراد المتكلّم إذا دار الأمر بين المعنى الأوّل والثاني لا وجه لتعيينه بالأصل. بخلاف القسم الثاني ؛ فإنّ استعمال اللفظ الموضوع للتمام في الناقص لا يكون إلاّ بواسطة التسامح والالتفات إليه ، فهو مجاز عقلي.
فإن قلت : إنّ ما ذكر على تقدير التسليم لا يقضي بأن يكون وضع الشارع لتلك الأسماء مطابقا لما تجده من نفسك في أوضاعك.
قلت : أمّا المنع المستفاد من أوّل الكلام فدفعه موكول إلى الرجوع إلى الوجدان ، وأمّا ما ذكره أخيرا فهو مدفوع بأنّا نقطع بأنّ الشارع لم يسلك في أوضاعه ـ على تقدير ثبوته ـ مسلكا آخر غير ما هو المعهود من أنفسنا في أوضاعنا.
وما ذكرنا ليس استدلالا بالاستحسان في إثبات اللغات ـ كما ربما يتبادر إليه بعض الأوهام ـ بل المحصّل هو : أنّا نجد أنفسنا مقتصرين عند إرادة الوضع لهذه
__________________
(١) راجع الصفحة ٤٦ و ٥٥.