عليه الأثر بعد التنزيل المذكور وعدمه فيما لا يترتّب عليه الأثر فبعيد جدا ؛ لاستلزام كونه حقيقة من جهة ومجازا من جهة اخرى ـ كما عرفت ـ وإن تقدّم منّا احتمال حصول الوضع في المركّبات الخارجيّة الكمّية ـ من المعاجين ونحوها ـ بل قد لا يصحّ ذلك في استعمال واحد للفظ « الصلاة » فيما هو كذلك مع قطع النظر عن ملاحظة حال الموضوع الذي يترتّب عليه الأثر والموضوع الذي لا يترتّب عليه الأثر ، كما لا يخفى على من أمعن النظر فيما ذكرنا سابقا.
الثاني : أنّه يلزم على القول بالصحيح ألف ماهيّة للصلاة مثلا ، باعتبار الاختلافات المعهودة في الصلاة بواسطة الحالات الطارئة على المكلّف ، من الحضر والسفر والصحّة والمرض والأمن والخوف ونحوها ؛ لعدم القدر المشترك بين تلك الماهيّات المختلفة ، فلا بدّ من الالتزام بالاشتراك اللفظي ، وهو ممّا لم يلتزم به أحد فيما نعلم (١). وأمّا على القول بالأعم فلا يلزم ذلك ؛ لأنّها أحكام مختلفة تعتور على ماهيّة واحدة لوجود الجامع القريب بينها ، وهو ما يطلق عليه لفظ « الصلاة » ، فإنّ هذا المعنى موجود في الكل.
والجواب عن ذلك هو ما عرفت مفصّلا : من أنّ ذلك مشترك الورود ؛ إذ لا يعقل وجود القدر المشترك بين الزائد والناقص ، ولا يعقل تبادل أجزاء ماهيّة واحدة. والاستناد في دفع ذلك إلى العرف وبعض الأمثلة المتشابهة ـ كالأعلام الشخصيّة ونحوها ـ ممّا لا ينبغي الإصغاء إليها بعد ضرورة بطلان ذلك بالعقل.
ولا معنى لما قد يتوهّم : من أنّ العرف يغاير حكمه حكم العقل ؛ بل العرف هم العقلاء من حيث انسهم بالأوضاع اللغويّة واستفادة المعاني بواسطتها ، فما يستحيله العقل يستحيل عند العرف أيضا.
__________________
(١) في « ط » بدل « لم يلتزم به أحد فيما نعلم » : « لم يظهر من أحد التزامه ».