٣٤. السلام عليك يا أمير المؤمنين ، عبدت الله مخلصاً ، وجاهدت في الله صابراً .. لا تحفل بالنوائب ، ولا تهن عند الشدائد ، ولا تحجم عن محارب . أفِكَ من نسب غير ذلك ، وافترى باطلاً عليك : وهذه باقة من صفاته عليهالسلام في الجهاد والسياسة . وقد رد في آخرها ما يحاوله أعداؤه وفي طليعتهم المتوكل أن يفتروا عليه غير ذلك .
٣٥. وأنت أول من آمن بالله وصلى له ، وجاهد وأبدى صفحته في دار الشرك ، والأرض مشحونةٌ ضلالةً ، والشيطانُ يعبد جهرةً : وهذا وصفٌ لشجاعته عليهالسلام في مرحلة مكة قبل إسلام الناس ، ثم عندما كانوا يبتعدون بأنفسهم عن النبي صلىاللهعليهوآله !
ففي السنوات الثلاث الأولى لم يكن أحد مسلماً غير بضعة من بني هاشم ، وقد هاجَ زعماء المشركين وعملوا ليل نهار لقتل النبي صلىاللهعليهوآله فكان عليٌّ عليهالسلام مهموماً في حراسته ليله ونهاره ، مع أبيه ، وعمه حمزة ، وأخيه جعفر .
وبعد الثلاث سنوات كان حصار الشعب ، وكان يوجد بعض المسلمين ، لكنهم لم يسدوا فراغاً ولا وقفوا في منع خطر أو ضرر . وقد ادعوا بعد ذلك لبعضهم بطولات ، لكن اعترفوا بأنهم لم يوصلوا صاع حنطة الى النبي صلىاللهعليهوآله في الشعب ! وأن ثقل الأمور طوال كان على عاتق بني هاشم ، وأمير المؤمنين عليهالسلام خاصة .
وقد رووا أن أبا بكر أجاره ابن الدغنة سيد الأحابيش ، وأن عمر أجاره العاص بن وائل ، أما علي عليهالسلام فلم يستجر بأحد ، وكان مضرب المثل في خدمته لرسول الله صلىاللهعليهوآله والدفاع عنه ، وتحديه لأعدائه !
٣٦. وأنت القائل لاتزيدني كثرة الناس حولي عزة ، ولا تفرقهم عني وحشة ، ولو أسلمني الناس جميعاً لم أكن متضرعاً . اعتصمتَ بالله فعززتَ :