وكوزاً من ماء ، ويأمر لابنيه بخوانٍ فيه سبعة أرغفة وخمس غرف « جمع غَرْفَة بمعنى ملعقة » فلم يزل ذلك قائماً حياة إسحاق ، ثم لا أدرى ما صنع بهما !
فأما إيتاخ فقُيِّدَ وصُيِّر في عنقه ثمانون رطلاً وقيدٌ ثقيل ، فمات يوم الأربعاء لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة ٢٣٥ ، وأشهد إسحاق على موته أبا الحسن إسحاق بن ثابت بن أبي عباد ، وصاحب بريد بغداد ، والقضاة ، وأراهم إياه ، لا ضربَ به ولا أثرَ ! وحدثني بعض شيوخنا أن إيتاخ كان موته بالعطش ، وأنه أُطعم فاستسقى فمنع الماء حتى مات عطشاً ، وبقي إبناه في الحبس حياة المتوكل فلما أفضى الأمر إلى المنتصر أخرجهما ، فأما مظفر فإنه لم يعش بعد أن أخرج من السجن إلا ثلاثة أشهر حتى مات ، وأما منصور فعاش بعده » .
قال المسعودي في التنبيه والإشراف / ٣١٣ : « بويع المتوكل جعفر بن محمد المعتصم .. وجفا الموالي من الأتراك واطَّرحهم وحطَّ مراتبهم ، وعمل على الإستبداد بهم والإستظهار عليهم » .
أقول : لم يترك المتوكل أحداً من أولياء نعمته وأصدقائه إلا وغدر به ! وقد حقد عليه الترك لغدره بقائدهم إيتاخ ، وتبايعوا على قتله .
قال
المسعودي في مروج الذهب «
٤ / ٣٤ »
: « ولما عزم بُغا الصغير على قتل
المتوكل دعا بباغر التركي ، وكان قد اصطنعه واتخذه وملأ عينه من الصِّلات ، وكان مقداماً أهوج ، فقال له : يا باغر أنت تعلم محبتي لك وتقديمي إياك وإيثاري لك وإحساني إليك ، وإني قد صرت عندك في حد من لا يُعْصَى له أمر ، ولا يخرج