انتهى (١).
أقول : لا يخفى أنّ الأصل في كلّ شيء عدمه حتّى يثبت ، سيّما الحكم الشرعي ، فكون الشيء ملكا شرعا يحتاج إلى دليل ، لا عدم كونه ملكا ، وهو ظاهر.
وأمّا قوله عليهالسلام : « للعين ما رأت » لو بني على أنّ العبرة بعموم اللفظ ، يلزم زيادة تخصيص فاسدة لا يرضى بها المحقّقون ، ولا تأمّل في فسادها.
مع أنّ مثل : البق ، والقمّلة ، والخنافس ، والنمل من الحشرات ، والمخاط والبصاق ، ونظائرهما يكون مملوكا ، شيء لا يمكن أن يتفوّه به عاقل.
كيف ولو كان كذلك لزم أنّ واضع اليد على الأمور المذكورة ومن نشأت تلك في ملكه أو ثيابه يكون ذا أموال كثيرة وأملاك متوافرة؟ وأنّ من قتل قمّل المفلس أو اليتيم يكون عاديا متلفا أموالهما؟! سيّما إذا كان كثيرا وافراد يكون حينئذ في غاية الظلم والفساد! وأنّ من أخذ القمّلة ، والنملة ، والخنفساء ونظائرها يكون ملعونا عاصيا غاصبا يجب عليه الردّ ، وإلّا يكون الواجب على حاكم الشرع الجبر بالردّ ، أو الأخذ منه قهرا والردّ؟ وأنّ من أنكر يجب على المدّعي البيّنة وعليه الحلف؟ وإذا أتلف يكون عليه الضمان ، كما هو قاعدة الملك؟ وأنّه يتحقّق الملك فيه مشاعا ومفروضا؟ وأنّه إذا تحقّقت في يد اثنين أو الثوب المشترك أو البيت كذلك يحكم لكلّ بالنسبة على حسب عددهم؟ وأنّ اليد مقدّم أو البيّنة بالملك السابق أو اليد السابق؟ وأنّ من لم يردّ يكون من الظالمين ، الّذين حمد الله نفسه على هلاكهم (٢)؟ وإذا وقع المبايعة يجب على كلّ واحد إقباض ما في يده
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ٩ ـ ٦١ الحديث ٢٥٧ ، وسائل الشيعة : ٢٣ ـ ٣٩١ الحديث ٢٩٨٢٤.
(٢) إشارة إلى قوله تعالى ( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ). الأنعام ٦ : ٤٥.