وتتحقّق الخيارات والغرر في الجهالة أو الضرر؟ وأنّه لا يجوز الأخذ والبيع من اليتيم والمجنون والسفيه؟ وأنّ مالكه لا يكون مفلسا ، لأنّه ذو أموال كثيرة. إلى غير ذلك من الأمور الّتي يشنع ذكرها ، فتأمّل.
مع أنّ الألف واللام في الرواية تفيد العموم ، محلّ تأمّل ، لسبق معهود ، وكذا إفادة اللام الملكيّة ، لاحتمال الاختصاص أو الانتفاع ، فتأمّل.
قوله : والحشرات والفضلات .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ مثل هذه الحشرات ليس بمال ولا ملك عرفا ، فكذا لغة ، ولذا لا يقال لمن تحت يده خنافس أو في ثوبه وجسده قمّل كثير : إنّه ذو مال كثير وأملاك كثيرة متعدّدة ، ولو لم يكن له مال يقولون : ليس له مال وملك ، وإن علموا أنّه قمّلة في غاية الكثرة ، وكذلك خنافس بيته وذبابه وبقّه وبرغوثه وأمثال ذلك.
وصحّة السلب علامة الحقيقة ، ولا شكّ في صحّة سلب المال والملك ، فضلا عن الأموال الكثيرة والأملاك الوافرة ، ولا شكّ أنّ البيع هو نقل مال وملك إلى ملك الآخر ، فلو أعطى مفلس قمّلة مفلسا آخر وأخذ عوضه وسخه أو برغوثه لا يقال : إنّهما متبايعان ، وأنّ للمشتري خيار الحيوان وللبائع خيار تأخّر الثمن ، وأمثال ذلك ، وكذلك الحال في الخنافس وغيرها.
وإنكار ما ذكرنا مكابرة واضحة ، وإن كان لكلّ واحد من القمّل والذباب والبق منافع مذكورة في موضعها مسلّمة ، لأنّ تلك المنافع ليست معتدّا بها ، والملك والمال لا يتحقّقان إلّا إذا كان منفعة معتدّا بها ، فلذا ليست الأمور المذكورة ملكا ومالا بالحيازة ، والتصرّف والتولّد في ملك الإنسان وجسده.
وأمّا مثل حبّة الحنطة ، فهو أيضا ليس مالا وملكا وإن كان حقّا ، ولذا من
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٦٧ ( المتن ).