كان عنده عشرة حبّات أو عشرون حبّة لا يقولون عنده أموال كثيرة وأملاك وافرة ، بل يقولون : ليس عنده أموال وأملاك ، بل ربّما يقولون : ليس عنده مال ، ولا شكّ في صحّة سلب الماليّة بالنسبة إلى الحبّة الواحدة ، وهي أمارة المجاز وعدم الحقيقة.
وكذلك حال عدم التبادر ، إذ لو أطلق لفظ المال والملك لا يتبادر إلى الذهن حبّة الحنطة جزما ، نعم يقال في حبّة الحنطة : أنّه حقّه وإنّه مستحقّه ، فيجوز أن يقال : له حقوق ، ولذا يجوز أن يحلف من عنده الحبّة أن ليس لي مال وملك ، ولا يجوز أن يحلف : ليس لي حق شرعي أو عرفي أيضا.
وورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا بيع إلّا في ملك » (١) ، ويظهر من الأخبار أنّ البيع نقل الملك ، فلاحظ.
والبيع هو نقل المال والملك عرفا واتّفاقا ، ولذا لو أطلق لم يتبادر إلى الذهن إلّا نقل المال والملك ، ولذا يقولون : بمجرّد البيع يملك المشتري المبيع والبائع الثمن ، ولو قال المفلّس : بعت هذه القمّلة بتلك الحبّة أو بالعكس ، لم يكن له خيار الحيوان ولا للمشتري ، ولا خيار تأخير الثمن وغير ذلك ، وكذا لو قال : بعت هذه الحبّة بتلك الذرّة من تراب ملكك.
وبالجملة ، أهل العرف يحملون مثل ما ذكر على السخرية والهزء ، وليس مثل ذلك متبادرا من لفظ البيع والشراء على الإطلاق ، بل ويسلبون عنه اسم البيع والشراء الحقيقي.
وبالجملة ، لا يقولون : إنّ تبديل مثل ذرّة من التراب وذرّة من الحشيش
__________________
(١) عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٤٧ الحديث ١٦ ، مستدرك الوسائل : ١٣ ـ ٢٣٠ الحديث ١٥٢٠٩ ، وفيه : « لا بيع إلّا في ما تملك ».