ومن هذا يظهر وجه اشتراط كون ذلك عن تراض منكم في الرواية السابقة ، لأنّه عليهالسلام ما استفصل في الجواب ، فلا معارضة بين الروايتين إلّا من جهة البأس في عموم المفهوم ، ولا يعارض المفهوم المنطوق ، فضلا عن عمومه ، مع إمكان حمل البأس على الكراهة وكون الأولى عدم الاكتفاء بالقهري.
قوله : وصحّتهما غير ظاهر ، والأصل يقتضي العدم .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ ديدن الفقهاء العمل بمضمون هذا الخبر (٢) بهذا المضمون في مواقع كثيرة ، بل كلّ موقع كان من قبيل ما نحن فيه عملوا به ، فمجرّد الشهرة يجبر الضعف حتّى عند الشارح أيضا ، فضلا عن مثل هذه الشهرة.
وأمّا القاعدة (٣) ، فمعلوم أنّ القابض أقدم حين القبض والأخذ على أن يكون الضمان عليه ، فالتضمين ليس من جهة العقد الفاسد ـ الّذي هو بعينه كعدم العقد أصلا عند الشرع ـ بل من جهة القبض كذلك.
فإن قلت : الإقدام على الضمان إنّما هو من حيث اعتقاده أنّه ماله ، لا مطلقا ، فبعد ما ظهر أنّه ليس ماله فلا إقدام ولا رضي ، لأنّ ما رضي به لم يتحقّق ، وما يتحقّق لم يتحقّق له رضى به.
قلت : هذا وارد في إذن صاحب المال في أخذ ماله بل وأشد ، فإنّه لم يرض بأخذ ماله والتصرّف فيه وتسليط اليد عليه إلّا بأن يكون مال الأخذ والضمان
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٩٢.
(٢) أي خبر : « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي » ، مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٩٢ ، عوالي اللآلي : ١ ـ ٢٢٤ الحديث ١٠٦ و ٣٨٩ الحديث ٢ و ٢ ـ ٣٤٥ الحديث ١٠ و ٣ ـ ٢٤٦ الحديث ٢ و ٢٥١ الحديث ٣ ، مستدرك الوسائل : ١٧ ـ ٨٨ الحديث ٢٠٨١٩.
(٣) وهي قاعدة : ( كلّ عقد يضمن بصحيحة يضمن بفاسده ، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده ). راجع! مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٩٢.