آخره (١)
الظاهر من هذا التفريع ، وقوله : « وهذا يشقّ عليهم » أنّ الراوي فهم من قوله عليهالسلام : « ما أحبّ » أنّه حرام ، ويظهر ذلك من جواب المعصوم عليهالسلام أيضا ، وأنّه عليهالسلام قرّره على فهمه ، بل ويظهر منه إرادته الحرمة ، كما هو الحال في كثير من المواضع من أنّهم لا يريدون منه ومن لفظ الكراهة إلّا الحرمة ، ومرّ : « إنّ عليّا عليهالسلام ما كان يكره الحلال » (٢) ، وغير ذلك ، والعرف أيضا كثيرا ما يعبّرون كذلك ، فتأمّل.
قوله : وأصل الصحّة ، وعموم الأدلّة أيضا يقتضي عدم البطلان بالمفارقة .. إلى آخره (٣)
قد عرفت أنّ هذا الأصل لا أصل له ، لأنّ الصحّة عبارة عن ترتّب الأثر الشرعي والأصل عدم الترتّب حتّى يثبت بدليل ، وكذا الأصل بقاء الحالة السابقة حتّى يثبت خلافه ، فظهر أنّ الأصل عدم الصحّة.
وأمّا العمومات ، فلا تقاوم الخصوصات الصحيحة السند المفتي بها عند جلّ العلماء ـ بل كاد أن يكون الكلّ ـ والدلالة واضحة ، لأنّ النهي حقيقة في الحرمة وأمّا « لا أحبّ » فإنّه ليس حقيقة إلّا في القدر المشترك ، وإن كان مشعرا بالاستحباب ، مع أنّ تفريعه عليهالسلام بقوله : « فلا تفعله » ، قرينة على أنّ مراده كان هو المعنى الأعمّ الّذي هو حقيقة فيه ، مع أنّا قد أشرنا إلى أنّ الراوي فهم الحرمة
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٠٣ ، الكافي : ٥ ـ ٢٥٢ الحديث ٣٢ ، تهذيب الأحكام : ٧ ـ ٩٩ الحديث ٤٢٩ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ١٦٧ الحديث ٢٣٤٠١ وفي المصادر : ( أن يفارقه حتّى يأخذ الدنانير ).
(٢) وسائل الشيعة : ١٨ ـ ١٥١ الحديث ٢٣٣٦١ ، وقد مرّت الإشارة إليه آنفا.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٠٤.