الفسخ ، وهذا الرضا من البائع غير رضاه حين العقد ، بل حدث منه بعد تعذّر الشرط وإمكان المشروط وجواز التزامه المشتري بالقدر الممكن وبحسب ما اقتضاه الأدلّة ، فهو صحيح من جهة دلالة الأدلّة. والله يعلم.
قوله : فكأنّه عقد وشرط ، وقصد لزوم العقد معه من صاحبه مع إتيان الآخر به .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ البيع من العقود اللازمة والأصل فيه اللزوم ، فإن أردت أنّ الشرط مؤكّد للزومه ، فمع فساده في نفسه ، محذورك باق على حاله. وإن أردت أنّه لا يفيد اللزوم إلّا من جهة الشرط ، فقد عرفت فساده. وإن أردت أنّ مثل هذا البيع يكون المراد من نفس البيع مجرّد الانتقال واللزوم يراد فيه من خصوص الشرط ، فهو أيضا فاسد ، فإنّ المتبايعين حالهما بالنسبة إلى الشرط بعينه حالهما بالنسبة إلى الثمن ، فكما لا يرضى البائع أن يكون مبيعه ملكا للمشتري مجّانا بغير عوض ومن دون ثمن ، بل جعله ملكا له بالثمن والعوض قطعا والمشتري أيضا أقدم على ذلك جزما ، فكذا لا يرضى أن يصير ملكا له بدون الشرط المذكور ، والمشتري أيضا أقدم على ذلك جزما ، من دون فرق بين الثمن والشرط فيما ذكرنا أصلا ، لا بحسب عبارتهما في العقد ، ولا بحسب مدلول عبارتهما ، ولا بحسب إرادتهما وقصدهما بالوجدان والمشاهدة ، ولذا يكون الشرط من جملة الثمن ، واتّفق الفقهاء على ذلك ، بل لو ألقى ما ذكره الشارح إلى المتعاقدين لا يكاد يمكنهما فهم ذلك ودركه ، فكيف يحكم بكون ذلك مرادهما؟ وإن شئت فجرّب.
وبالجملة ، لا شبهة في فساد ما ذكره بالنسبة إلى مقصود المتبايعين.
وإن أردت أنّ الفقهاء يقولون أنّه لا بدّ للمتبايعين أن يفعلا كذلك في مثل
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٤.