هذا البيع ، فهو أيضا فاسد قطعا ، بل لا يتوجّهون إلّا إلى حكم معاملة المتبايعين لا أنّهم يخترعون معاملة وينكرون معاملتهما.
وما ذكر لا يخفى على من له أدنى تأمّل ، ولهذا قال الشارح رحمهالله : ( وأمّا عباراتهم .. إلى آخره ) (١).
وأيضا ، إن أراد الشارح أنّ هذا البيع بيع بعوضين جوازا ولزوما ، جوازا بكذا ، ولزوما بكذا ، فهو باطل جزما ، للجهل وعدم التعيين ، كما هو الحال في البيع بثمنين إلى أجلين ، مع أنّه يلزم ـ على هذا ـ أنّه لو اختار المشتري العوض الجوازي لا يكون عليه شيء أصلا ، ولا اعتراض مطلقا ، وهو خلاف ما اقتضته الأدلّة ، كما صرّح به (٢) ، بل خلاف فتوى الفقهاء أيضا كما عرفت ، وخلاف ما عليه المتبايعان البتّة ، وخلاف الطريقة المسلوكة من المسلمين.
مع أنّه يلزم على ذلك أن يكون للمشتري أيضا خيار الفسخ كالبائع ، وهو خلاف ما اتّفق عليه الفقهاء في جميع مواضع الخيار ، مع أنّ البيع الجوازي غير موجود شرعا ، لأنّ البيع لزومي. نعم ، ربّما يعرضه جواز بقدر قليل ثبت من طرف الشرع ، وإلّا فالأصل فيه اللزوم ، ولا بدّ من اللزوم فيه على أيّ حال.
وإن أراد أنّ البيع بيع واحد لزومي فقط وليس التراضي إلّا به ، فمع اختلال الشرط عند الشارح يصير فاسدا ، لعدم تحقّق الشرط ، وإن قال عند تعذّر الشرط يتحقّق خيار الفسخ لعدم تحقّق جميع العوض والإمضاء ، لإمكان إلزام المشتري بالقدر الممكن ، كما هو الحال في تبعّض الصفقة وخيار العيب وأمثالهما ، فمع أنّه خلاف ما اختاره ، لأنّه يناقش فيما ذكروا بما يرجع إلى ما ذكرناه بعينه ، فلا حاجة
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٤.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٤.