بالشرطين ، فإذا لم يف بالتعجيل ورضي البائع بالشرط الآخر فقط ، يجب على المشتري الوفاء بإعطائه ، لأنّه كان واجبا عليه في ضمن المجموع ، وكان هو واجبا وغيره ، فلا معنى لأن يعتذر بأنّي لما لم أعط الشرط الآخر وفات ، فلي أن لا أعطي الشرط الممكن أيضا وأفسخ البيع.
وهذا مثل خيار تبعّض الصفقة ، بل وأولى منه ، كما لا يخفى.
ومن هذا ظهر ما في قوله : ( وإذا سلم في الشروط .. إلى آخره ) (١) ، إذ ظهر الدليل ، وأنّه لا حاجة إلى الإجماع ، وأنّه لا وجه لتوقّفه في الشروط أيضا ، وأنّ دليله جار فيما نحن فيه ، فتأمّل.
قوله : [ المقصود والمفاد وصريحة ] لزوم الإعطاء بعد العقد بلا فصل .. إلى آخره (٢).
فيه ، أنّه على هذا يكون الإقباض داخلا في ماهيّة البيع وحقيقة العقد ، وأنّ به يتحقّق الانتقال في الملك (٣) لا بالعقد ، وأنّ القبول لا فائدة فيه ، وأنّ الركن هو الإقباض ، بل الإيجاب أيضا لا فائدة فيه ، لأنّ المشتري أيضا لا يرضى بغير الإقباض كالبائع ، فيكون ركنا البيع هما الإقباضان ، فيبطل جميع الأحكام المتعلّقة بعدم الإقباض بعد البيع ، مثل : تلف المبيع قبل القبض ، وغير ذلك.
وأيضا ، قد مرّ أنّ القدرة على التسليم في الجملة شرط للبيع ، فكيف يكون نفس التسليم ركنا ومحقّقا للماهيّة؟! وبالجملة ، إن جعل معنى البيع والشراء وعقدهما هو أنّ المبيع ـ مثلا ـ ملكك بشرط أن يكون الثمن ملكي وأن تقبضني إيّاه حتّى يصير ملكك ـ وكذا
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٤.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٢٤.
(٣) في ب : ( والملك ) ، بدلا من : ( في الملك ).