لا يخفى أنّ الصحّة في المعاملات عبارة عن ترتّب الأثر الشرعي عليها ، والأصل عدم الترتّب حتّى يثبت بدليل ، فلا بدّ من دليل ومقتض للصحّة لا ينافيه النهي ، والمقتضي ليس إلّا مثل ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) ، و ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) ، والنهي ينافي الأوّل جزما ، والثاني ظاهرا ، فإنّ الحلّية والحرمة لا يجتمعان قطعا ، وكذا وجوب الوفاء وحرمة الارتكاب لا يجتمعان على الظاهر ، بل إذا حصل الشكّ والاحتمال ، يشكل الحكم بالصحّة ، للإشكال في وجود المقتضي ، وقد عرفت أنّ الأصل عدمه ، فتأمّل.
قوله : نعم يمكن أن يقال : البيع الصحيح .. إلى آخره (٣).
مراده ، أنّ البيع لو لم يكن للاستصباح يكون فاسدا البتّة ، كما هو المسلّم عندهم ، فظهر وجه تخصيص بالاستصباح ، فإذا كان فائدة الاستصباح علّة للصحّة ومؤثّرة فيها ، فكيف يصحّ بدون الإعلام؟ لعدم العلم حينئذ بحصول الفائدة الّتي هي المصحّحة للبيع والمؤثّرة في الصحّة ، بل المظنون حينئذ عدم الفائدة إذا كان سمنا ، بل وزيتا أيضا ، لعدم التعارف في الإسراج ، بل وتعارف عدم الإسراج ، فتأمّل.
قوله : ومجرّد كونه نجسا [ لا يصلح لذلك ] .. إلى آخره (٤).
لا يخفى أنّه ورد في الأخبار : « إنّ الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنها » ، وقد تقدّم (٥). رواها المصنّف في بحث تحريم بيع الأعيان النجسة ، أنّه قال : ( لعن
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.
(٢) المائدة ٥ : ١.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٧.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٧.
(٥) عوالي اللآلي : ٢ ـ ١١٠ الحديث ٣٠١ ، مسند أحمد بن حنبل : ١ ـ ٤٨٣ الحديث ٢٦٧٣ ، مستدرك الوسائل : ١٣ ـ ٧٣ الحديث ١٤٧٨٧ ، وقد تقدّم في الهامش ٣ من الصفحة ١٢.