قوله : [ وبمفهوم الأخبار المتقدّمة ] ، وإن لم يكن المفهوم حجّة مطلقا ، ولكن يفهم من سوق الأخبار كونه حجّة [ هنا ] .. إلى آخره (١).
المفهوم الّذي وقع النزاع في حجّيته والمشهور ينكرونها هو مفهوم مثل قوله عليهالسلام : في السائمة زكاة (٢) ، أمّا مثل قول : أعتق رقبة مؤمنة ، فالاتّفاق واقع على أنّه معارض لقول : أعتق رقبة (٣) ، والمعارضة فرع دلالة المقيّد على عدم وجوب عتق غير المؤمنة.
هذا ، في صورة اتّحاد موجب العتق ، وكون العتق المأمور به فيهما عتقا واحدا لا تعدّد فيه جزما ، وظاهر أنّ خيار الحيوان أيضا واحد جزما بحسب الشرع ، إن كان مختصّا فمختصّ ، وإن كان مشتركا فمشترك ، فتأمّل جدّا.
بل الفقهاء بأجمعهم يجعلون دلالته أقوى من دلالة المطلق ، بحيث يعيّنون حمله على المقيّد ويرجّحون المقيّد عليه مطلقا ، كما لا يخفى على المطّلع بطريقتهم.
نعم ، وقع من بعض من المتأخّرين في تعيين الحمل عليه تأمّل ، بدعوى أنّه كما يجوز الجمع كذلك ، كذا يجوز بنحو آخر ، وهذا منه أيضا اعتراف بحجيّة المقيّد ، لكنّه متأمّل في كونه أقوى من دلالة المطلق بحيث يتعيّن حمله على المقيّد مطلقا.
لكن الحقّ مع الفقهاء ، بشهادة فهم العرف والتعارف في الفهم ، ولذا لم يقع من أحد من الفقهاء ـ مع شدّة الاختلاف في إفهامهم ـ تأمّل في التعيين المذكور سوى ما صدر من بعض المتأخّرين غفلة منشؤها قضيّة كون الجمع مهما أمكن
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ٣٩٣.
(٢) راجع! معالم الدين وملاذ المجتهدين : ٨٠ ، قوانين الأصول : ١٨٢.
(٣) راجع! قوانين الأصول : ١٨١.