التأكيدات والتشديدات الّتي لم تكن في حقوق الله تعالى ، وإن كانت مثل الصلاة الفريضة ، بل ميزان عدل الله إنّما هو في حقوق الناس (١) ، وإلّا ففي حقوق الله (٢) هو أكرم وأرحم من أن يعذّب بنار جهنّم ، حيث قال ( يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (٣) ، وأمثال ذلك ، ما لم يؤدّ إلى الكفر ، فإنّه ( لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ) (٤).
قال ذلك ، حتّى لا يجترئ على ترك مثل الفريضة أحد ، ومقتضى وعيده التهديد ، وله أن يفعل وله أن يترك ، بخلاف حقوق الناس.
وقد عرفت رواية سلمة (٥) ونحوها في الجملة ، وأمّا رواية زرارة فما قال : لم يفعل أو لم أقدر ، ولا قال (٦) أيضا : ما قدرت إلى الآن وأمثاله ، بل قال : قال « لا يقدر .. إلى آخره » (٧) ، فما قال ينادي بيأسه ، فلا تعارض أصلا ، فلا حاجة إلى الحمل أصلا ، فتأمّل جدّا.
مع أنّ رواية زرارة غير دالّة على عدم الطلب ، بل ربّما كان الظاهر منه الطلب بقدر تيسّره ، وأنّ زرارة كان كذلك لكن كان خائفا من التكليف بأشدّ منه.
__________________
(١) لاحظ! بحار الأنوار : ٧٢ ـ ٣١١ ـ ٣٣٤.
(٢) في ألف : ( حقوق نفسه ).
(٣) الزمر (٣٩) : ٥٣.
(٤) النساء ٤ : ٤٨.
(٥) أي : رواية سلمة الّتي مرّت في : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٥٣ ، تهذيب الأحكام : ٦ ـ ١٨٥ الحديث ٣٨٣ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٢٦ الحديث ٢٣٧٧٣.
(٦) ما أثبتناه هو الصحيح ، وأمّا في النسخ : الف ، د ، ه فالعبارة هكذا : ( قال قال لم يفعل لم يقدر ولا قال ) ، وهذه العبارة ساقطة من نسختي ب ، ج.
(٧) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٨٨ ، وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٣٦٢ الحديث ٢٣٨٥٣.