وسنشير إلى ما يؤيّده ، فلاحظ وتأمّل.
ومن هذا يظهر أنّ ما دلّ على خلافه وارد على التقيّة ، لاتّفاق الشيعة وكونه من شعارهم ، وكون الشافعيّة في غالب الفتاوي موافقين للشيعة كما لا يخفى على المطّلع ، ولما حقّق في موضعه من أنّ التقيّة إنّما تكون من المذهب المتداول في ذلك الزمان ، ومعلوم أنّ الشافعي وجد في زمان الكاظم عليهالسلام واشتهر مذهبه بعد زمانه بمدّة ، وأيضا ورد عن الصادق : « إنّ أصحاب أبي كانوا يأتون أبي غير شاكّين فكان يفتهم بمرّ الحقّ ، وإنّ أصحابي يأتوني شكّا فافتيهم بالتقيّة .. » (١).
والروايتان اللتان ذكرنا دليلا للمشهور ، هما عن الباقر عليهالسلام (٢).
وأيضا ، الباقر عليهالسلام ما كان يتّقي من وجوه أخر :
منها ، أنّ بني أميّة وبني العبّاس كانوا مشغولين بأنفسهم في المحاربة ، وأوائل زمان الصادق عليهالسلام أيضا كان كذلك ، إلّا أنّ أواخره صار دولة بني العبّاس بلا محاربة ، وزمان المنصور اشتدّت التقيّة ، لما ذكر في محلّه.
ومنها ، أنّ العامّة كانوا يقولون : فتاويه مأخوذة عن جابر ، عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومنها ، أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أبلغ إليه السلام ، وصرّح بأنّه باقر العلوم (٣).
ومنها ، أنّه ما ظهر مذهب الشيعة ، والعامّة كانوا في غاية الاختلاف في
__________________
(١) الكافي : ٣ ـ ٣٣٩ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ ـ ٩١ الحديث ٣٤١ ، وسائل الشيعة : ٦ ـ ٢٦٣ الحديث ٧٩١٠ ، مع اختلاف في الألفاظ.
(٢) أي رواية يزيد الكناسي : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٧ ، وسائل الشيعة : ٢٨ ـ ٢٠ ، الحديث ٣٤١١٦ ورواية حمران : مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ١٨٨ ، وسائل الشيعة : ١ ـ ٤٣ الحديث ٧٢.
(٣) لاحظ! أمالي الصدوق : ٢٨٩ الحديث ٩ ، بحار الأنوار : ٤٦ ـ ٢٢٣ الحديث ١.