الضرر علّة لاشتراط رضاه ، وإن كان علّة للاشتراط فليس إلّا أنّ العقد معه صحيح وبدونه لا دليل على صحّته ، إذ لا إجماع ولا عموم ، لأنّ الإطلاق ينصرف إلى الفرد المتعارف ، ولم يتعارف الكفالة بغير رضا المكفول ، إلّا أن يدّعي كونه أيضا من الأفراد المتعارفة ، أو أنّ إطلاقه ظاهر في العموم ، فليلاحظ وليتأمّل!
قوله : إن جاء زيد فأنا كفيل به ، أو إن طلعت الشمس ، وبذلك كلّه [ قال الشافعي ] .. إلى آخره (١).
لا يخفى أنّ قول : كفلت ، وأنا كفيل ، وأمثالهما إنشاء للكفالة من حين العقد ، يعني : أنا صرت كفيله ، أو الآن كفيله ، على ما هو مقتضى العقود ، فإذا ضمّ إلى ذلك قوله : بعد شهر ، أو إن طلعت الشمس ، وأمثالهما ، يعني المعنى : أنا الآن ما صرت كفيله ، ولست الآن كفيله ، وأمثالهما ، فيحصل التدافع ، لأنّ العقد إنشاء الأمر بمحض التكلّم ومن حينه فيثبت من الحين ، وقوله : بعد شهر ، معناه لم يحدث ولم يحصل من الحين.
اللهمّ ، إلّا أن يرفع اليد عن الإنشاء ، ويجعل خبر أو عدة لا عقدا ، فيبطل إن أريد العقد ، أو يجعل المعنى : أنا الآن كفيل إلّا أنّه لي أن لا أسلّمه إلّا بعد شهر ، فيصحّ العقد.
وأمّا صحّة إجارة الشهر الآتي غير متّصل بالعقد ، فعلى القول بالصحّة ، لكونه ملكا له حين العقد ، من غير فرق بينه وبين المتّصل ، كما مرّ تفصيله.
قوله : [ ولو قال : أنا أحضره أو أؤدّي ما عليه ] لم يكن كفالة (٢).
بل وعدة وشرط غير داخل في عقد الكفالة ، ولا غيره من العقود المعهودة
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣١٧.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣١٧.