خارجة عن العقود اللازمة بلا تأمّل ، بل هو مجمع عليه عندهم ، لا أنّه مثل البيع وغيره من العقود اللازمة إلّا أنّه يعرضه جواز في الجملة.
فالأولى ما قاله من أنّه يستلزم الضرر « ولا إضرار في الإسلام » (١) ، وهو بعمومه يشمل ما نحن فيه ، لأنّه يقال عرفا : إنّه أضرّه ، لأنّه وثق بكلامه وعهده وعهدته ، وهو يعرف أنّه لا يفعله إلّا ثقة بقوله ، وأنّه لا يرجع وإن كان يعرف أنّ له تسلّط الرجوع ، وهذا معنى آخر.
مع أنّه أيضا محلّ نظر ، لأنّ دليل جواز العارية إن كان الإجماع فهو غير منعقد في مثل هذه الصورة ، وإن كان الأخبار فلعلّه لا يسلم شمولهما لمثل ما نحن فيه ، بأن يرجع بالإضرار والإفساد والإتلاف للحقوق المحترمة مجّانا بغير تدارك أصلا.
وأمّا مع التدارك والأرش ، فلعلّه له وجه ، لكونه جمعا بين الحقّين مهما أمكن ، مع أنّه يمكن التأمّل فيه من جهة ما ذكره الشارح ، لكن ربّما يعرض المالك اضطرار شديد (٢) إلى ماله وضرر عظيم في الإبقاء.
قوله : مع أنّ العادة قاضية بأنّ مثل هذه العارية [ إنّما تكون للدوام ] .. إلى آخره (٣).
فيه ، أنّه لا كلام في أنّه أعاره للدوام ، ومحلّ النزاع ليس إلّا هذا ، إنّما الكلام من جهة أنّ العارية من العقود الجائزة يجوز الرجوع فيها ، وأمّا أنّ العارية لا تكون على سبيل الدوام بل إلى مدّة ، فلا شكّ في أنّه بعد انقضاء المدّة له أخذ ملكه ، والمستعير يجب عليه ردّه ، وكذا إذا لم يعلم الشمول إلى هذا الوقت ، فإنّ الأصل
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ ـ ٣٨٣ الحديث ١١.
(٢) في ب ، ج : ( إضرار شديد ).
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣٦٠.