أحد القولين ، بل هو الأقوى بالنظر إلى الدليل ، لكن المعروف من المشهور حكمهم بوجوبها شرعا ، إلّا أن يقال : غير ظاهر أنّ الواجب هنا مطلق ، حتّى تكون مقدّمته واجبة ، بل ربّما يقيّد بقيد العلم والمعرفة ، ويكون الجاهل معذورا ، لكن هذا أيضا خلاف ما عليه المشهور ، بل جميع الفقهاء ، فإنّ الجاهل ليس عندهم معذورا إلّا في قليل من المواضع الّتي نصّ الشرع على المعذوريّة (١).
وهذا هو مقتضى الأدلّة كما حقّق في محلّه وإن توقّف فيه شاذّ غفلة ، إلّا أن يقال : واجبات التجارة ومحرّماتها في الغالب وجوبات (٢) شرطيّة لصحّة التجارة ، لا شرعيّة على تركها العقاب ، وأمّا الوجوبات (٣) الشرعيّة فأكثرها من عوارض التجارة ، وليست من أحكامها بنفسها ، مثل الاكتساب لحفظ النفس وحفظ نفس واجب النفقة وأداء الدين. إلى غير ذلك.
وأمّا القليل منها وإن كان من أحكام التجارة مثل : حرمة الربا ووجوب الوفاء بالعقد الصحيح ، فلعلّه من ضروريّات الدين الآن.
أو يقال : مراده من استحباب التفقّه معرفة جميع أحكام التجارة ، لا خصوص الواجب والحرام ، فإنّ وجوب معرفته معلوم من قولهم : يجب الوفاء ، وقولهم : حرم الربا ، فتأمّل.
قوله : [ فمحمول ] على الجواز وعدم (٤) الغبن الفاحش [ جهلا ] .. إلى آخره (٥).
لعلّ الأولى الحمل على ما إذا وقع المعاملة مع غير المؤمن ممّن لا حسن في
__________________
(١) في ب : ( معذوريّته ).
(٢) في د ، ه : ( واجبات ).
(٣) في د ، ه : ( الواجبات ).
(٤) كذا ، وفي المصدر : ( وعلى عدم ).
(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١١٨.