على كونها من العقود الجائزة ، مع أنّه على فرض الشمول لا يلزم كونها عارية ، كما مرّ مرارا.
مع أنّه لم يظهر من الفقهاء أنّ هذا عارية ، وأنّه من المسلمات عندهم ، بل ظاهر « القواعد » (١) أنّه ليس كذلك ، بل الظاهر منه أنّه ليس بعارية إلّا أنّه جائز ، وهو كذلك ، لحصول طيبة النفس من صاحب المال ، وعدم منع من الشرع ، لكن لو لم يف بإعارة الفرس عمدا ، أو من جهة العذر ، يكون عليه اجرة مثل الحمار ، لاستيفائه المنفعة بغير طيبة نفس صاحبه.
مع احتمال أن يكون في صورة العمد له التسلّط في أخذ الفرس عارية ، لأنّه ما رضي بعارية الحمار إلّا بهذا الشرط ، فتأمّل.
ويحتمل أيضا أن يكون في صورة العذر لا اجرة له ، لأنّ العارية الحقيقيّة لا اجرة فيها ، والّذي شرط هو العارية الّتي تعذّر تحقّقها ، والرجوع إلى العوض يحتاج إلى دليل ، فتأمّل!
قوله : لأنّ العارية قد تحصل بغير اللفظ ، وهو ظاهر ، قال في « التذكرة » : ( وهي تحصل بغير عقد ، كما لو حسن ظنّه بصديقه كفى في الانتفاع عن العقد ) (٢) .. إلى آخره (٣).
لا يخفى أنّه إذا علم الرضا من الصاحب بالتصرّف في ماله مجّانا ، فلا شبهة في جواز التصرّف ، بشرط أن تكون نفس المتصرّف خالية عن الشوائب والمعايب ، إذ ربّما يكون له حرص شديد ورغبة زائدة ، بأدنى شيء يجزم بأنّه صاحبه راض مع أنّه ليس كذلك وليس يعلم.
__________________
(١) قواعد الأحكام : ١ ـ ١٩١.
(٢) تذكرة الفقهاء : ٢ ـ ٢١١ ، مع اختلاف يسير.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٣٤٨.