بالضمان بسبب الإضرار ، استنادا إلى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا ضرر ولا ضرار » (١) ، وقدماء فقهائنا والمحدّثين لا يذكرون في باب الضمان بمثل الغصب والإتلاف سوى هذا الحديث ، وحديث : « ليس لعرق ظالم حقّ » (٢) ، ولم يذكروا حديث : « على اليد » ، فضلا عن تعريفاته.
والمتأخّرون في كثير من المواضع يستندون إلى حديث « لا ضرر ولا ضرار » ، ومع ذلك لا أراهم يراعون هذا الحديث في كتاب الغصب والإتلاف ، بل يحكمون بأنّ الغاصب يضمن أعلى القيم وإن كان المتلف غيره ، إذا كان قيميّا أو مثليّا ولم يوجد ، ويقولون : هو مأخوذ بأشقّ الأحوال ، ولا دليل عليه من الأخبار سوى هذا الحديث ، بل وليس إجماع عليه ، ولا دليل آخر ، وحديث « على اليد » لا يدلّ عليه ، فإنّ حديث « لا ضرر ولا ضرار » حجّة ، فمقتضاه أنّ كلّ نحو من أنحاء الضرر يجب تداركه ورفعه على من أضرّ.
وربّما كان في أيّام الغلاء والقحط والحصار يصير صاع من الطعام ألف دينار ، فإذا غصب غاصب ألف صاع منه من مسلم ، بل ويتيم ، وذلك المسلم واليتيم يشتري بأمواله العظيمة أصوعا منه لقوته ونجاته من الهلكة ، وربّما يموت من الجوع جمع من عياله ودوابّه ، ومع ذلك يكون ذلك الغاصب صاحب طعام كثير يبيع طعامه بألف تومان ويتعيّش بالطعام المغصوب ، ثمّ بعد رفع الموانع وحصول الرخص العظيم الزائد صار الطعام كلّ ألف صاع بدينار يردّ مثل ما غصبه من المالك بعد ما أخرج وأنفق جميع أمواله الكثيرة غاية الكثرة في شراء
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٥٧ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ١٩ ـ ١٥٧ الحديث ٢٤٣٦٣.