بديهيّات العقل أيضا ، فإنّ الأطفال ، بل المجانين يجزمون بأنّ إمساك الصائد لا ربط له ـ أصلا ، ومن جميع الوجوه ـ بذبح الرجل في التذكية ، لا في الصيد.
فإن قلت : إذا كانوا قائلين بحصول التذكية بمجرّد القتل يلزمهم القول بالحلّية من جهة الأصول والعمومات.
قلت : على تقدير التسليم ، فالحجّة عليهم ليست سوى الأصول والعمومات ، لا ما لا ربط له (١) أصلا ، بل كان قياسا مع الجامع ، كان القول به والعمل به حراما ، فأيّ داع إلى ارتكابه ، مع الأدلّة الواضحة المسلّمة الّتي لا يمكن لأحد أن يتأمّل فيها ، ولم يتأمّل أحد فيها؟! مع أنّه بديهيّ إنّ منعهم ليس إلّا من ظاهر القرآن (٢) ، وصريح الأخبار الواردة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهمالسلام ، مثل ما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لعديّ بن حاتم حين سأله : إنّي أرسل الكلاب المعلّمة؟ : « إن أكل فلا تأكل ، فإنّه أمسكه على نفسه » (٣) ، وفي حديث آخر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل ، فإنّه أمسك على صاحبه » (٤). إلى غير ذلك من الأخبار الصريحة في المنع.
قوله : وأنّه مذهب العامّة ، ومن جملة ما حمل الشيخ في كتابي الأخبار غيرها ممّا ورد فيه ذلك على التقيّة .. إلى آخره (٥).
صرّح السيّد رحمهالله بكون مذهب الشيعة أنّه إن ندر أكله حلّ وإلّا حرم ، وأنّ
__________________
(١) كذا ، والظاهر أنّ الصواب : ( لأنّ ما لا ربط له ).
(٢) إشارة إلى : المائدة ٥ : ٤.
(٣) الخلاف : ٣ ـ ٢٤٤.
(٤) الخلاف : ٣ ـ ٢٤٤.
(٥) مجمع الفائدة والبرهان : ١١ ـ ٣٥.