بحسب الظاهر بمراعاة المرجّحات ، والأخذ بالراجح وترك المرجوح ، أمرونا بمراعاة الأعدليّة والأفقهيّة والأشهريّة ، وموافقيّة الكتاب ، والشهرة بين الأصحاب ، ومخالفة العامّة. إلى غير ذلك (١).
وورد ما ذكرناه بأجمعه منهم ، وكثير منها ورد في كثير من الأخبار ، بل وربّما ورد في الأخبار المتواترة الخارجة عن حدّ الإحصاء ، بل المخالفة للعامّة والموافقة للكتاب ، ولم يأمروا قط بالجمع بين الأخبار ، ولا كان ذلك طريقة فقهائنا إلى آخر زمان الشيخ ، فأحدث رحمهالله هذه الطريقة ، لا لأجل الفتوى والعمل ، بل لرجوع الهارون (٢) وأمثاله ، ولذا لم يكن جمعه فتواه ، إلّا ما شذّ ، وكان طريقة الشيخ رحمهالله مسلوكة إلى زمان المتأخّرين إلى زمان الشارح ، فإنّهم كانوا يرجّحون بالمرجّحات ويفتون بالراجح البتّة ، ويجعلون المرجوح الموهوم متروكا به ـ كما أمرهم المعصوم عليهالسلام ـ إلّا أنّهم ربّما يجمعون بين المرجوح الموهوم ، والراجح ـ الّذي هو حجّة ـ بضرب من التوجيه ، حتّى يوافق غير الحجّة الحجّة ، ويقولون : الجمع أولى من الطرح.
وهذا أيضا لا بأس به ، كما حقّقنا في رسالتنا في « الجمع بين الأخبار » ، وما ذكر في غير العام والخاص والمطلق والمقيّد ، وأمّا العام والخاص والمطلق والمقيّد ، فقد ذكرنا حالها بطول وتحقيق ، وبينّا أيضا وجه حجّية الجمع في موضع يكون حجّة ، وبينّا أقسام الجمع وما هو حجّة وما ليس بحجّة ، من أراد الاطّلاع فعليه بملاحظتها (٣).
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٢٧ ـ ١٠٦ الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.
(٢) كذا ، وفي تهذيب الأحكام : ( أبو الحسين الهاروني العلوي ). تهذيب الأحكام : ١ ـ ٢.
(٣) الرسائل الأصوليّة : ٣ ـ ٢٢٩.