الشعير وما ماثلهما من الأنبذة.
وبالجملة ، السنّي لا يعمل به ، فضلا عن أن يخرج به عن تلك الأدلّة القويّة ، مضافا إلى أنّ مثل هذا لو صار منشأ للإشكال في مثل ما نحن فيه ليقع الإشكال في غالب الأحكام ، ولم يعهد ذلك منهم ، مضافا إلى أنّه ورد أخبار كثيرة تشير إلى الحرمة ، منها ما أشرنا ، ومنها ما سنشير إليه ، ودلالتها ظاهرة.
وعلى فرض عدم تماميّة الدلالة ، لم يكن أسوأ حالا من القياس الحرام بالضرورة ، الفاسد عند أهل السنّة أيضا (١) ، بل لا شكّ في أنّها أولى بالتعرّض إلى ذكرها بمراتب شتّى.
فإن قلت : لعلّ المحرّم حرّم بهذا القياس ، وهم ذكروا تبعا له.
قلت : أوّلا : أنّك أنكرت القائل بالحرمة في التمري ، ونسبت تحريم الزبيبي إلى الشاذّ ، والشاذّ استدلّ برواية عليّ بن جعفر (٢).
وثانيا : إنّا قد أشرنا إلى قول الصدوق ، والكليني ، بل والشيخ أيضا (٣) ، وأنّ دليلهم الأخبار المستفيضة ، وكذا إلى قول « الدروس » ، ودليله رواية عمّار (٤).
وثالثا : إنّ الكليني والشيخ رويا ما دلّ على حرمتهما على وجه لم يبق للملاحظ شكّ ولا شبهة في أنّهما عاملين بمضمونها ، وما ظهر منها ، من دون تعرّض إلى توجيه ، إذ لو كان غرضهم المعنى التوجيهي مثلكم لتعرّضوا لذكره
__________________
(١) لاحظ! المحصول في علم أصول الفقه : ٥ ـ ١١٧ ـ ١١٩.
(٢) الكافي : ٦ ـ ٤٢١ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٢٩٥ الحديث ٣١٩٤٥.
(٣) راجع الصفحة : ٦٧٩ من هذا الكتاب.
(٤) تهذيب الأحكام : ٩ ـ ١١٦ الحديث ٥٠٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٣٧٣ الحديث ٣٢١٦٠.