الذهن إلى الطبيخات المتعارفة.
وممّا ذكر ظهر حال استدلالهم على تحقّق النقل ، بأنّه لولا ذلك لزم زيادة التخصيص عن القدر الّذي جوّزه أكثر الأصوليّين ، مضافا إلى أنّه إثبات اللغة بالاستدلال ، وهو فاسد عندهم.
مع أنّ من جملة أدلّة المحلّلين قوله تعالى ( إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ). الآية (١) وأشباهه من العمومات ، وفيها من التخصيص الزائد ما لا يخفى ، هل يجوز لأحد أن يثبت وضعا جديدا لكلمة الحصر بالآية؟! مع أنّ منع الأصولي إن كان مطلقا ، فهو فاسد قطعا ، لتأتّي العلاقة المصحّحة لاستعمال العام في فرد ـ فضلا عن أكثر ـ بلا شبهة عند أرباب اللغة والعرف ، وكثر الاستعمال كذلك (٢) ، وإن كان منعهم في صورة عدم إظهار تلك العلاقة ، لانسباق الذهن إلى العلاقة المتعارفة ، فلعلّه له وجه ، إلّا أنّه غير مضرّ بالنسبة إلى أخبارنا ، لأنّ المعتبر حال المخاطب ، فلعلّه اطّلع على ما لم نطّلع.
والمدار في الأخبار على هذا ، لأنّ المدار على خلاف ما يظهر منها نفسها غالبا ، بل وربّما كان الاحتمال بالنظر إلى نفسها بعيدا جدّا.
واستدلّوا أيضا ، بحديث : « الخمر من خمسة : العصير من الكرم .. » (٣) ، وفيه ما فيه ، لأنّ المراد هو الخمر بعينها ، ولعلّه اسم من أساميها ، كما يظهر من الصدوقين (٤).
__________________
(١) النحل ١٦ : ١١٥.
(٢) في ألف ، ب ، ج : ( وكثير الاستعمال كذلك ).
(٣) الكافي : ٦ ـ ٣٩٢ الحديثان ١ و ٣ ، تهذيب الأحكام : ٩ ـ ١٠١ الحديث ٤٤٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٢٧٩ الحديث ٣١٩٠٧.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ٤ ـ ٤٠ ذيل الحديث ١٣١.