مع أنّ ثبوت الوضع منه للعصير دون الخمر تعسّف ، وهو أحد القولين لأهل اللغة (١) ، والفقهاء والأخبار متعارضة فيه ، وقد نصّوا على أنّ خمر أهل الهند من النارجيل ، وأهل اليمن من الذرّة. وهكذا.
فعلى هذا ، يتحقّق ضعف آخر في احتجاجكم ، لأنّ أكثر تلك الأخبار أنّ العصير صار خمرا بأنّ الخمريّة صارت قرينة.
وأمّا كلام الفقهاء ، فلم نجد إلّا من جمع منهم (٢) ، ولعلّه استنباط منهم من الأخبار ، كاستنباطكم مع مخالفته لطريقتكم وقواعدكم ـ كما ظهر ممّا ذكرنا ـ مضافا إلى أنّهم لا يحكمون بثبوت الحقيقة الشرعيّة بكونه الشيء حقيقة عند المتشرّعة ، وإن استعمل في الأخبار فيها كثيرا.
وكلماتهم مشحونة في مقام النزاع والجدال من منع مثل كون الوجوب حقيقة في المعنى الاصطلاحي ، وكذا السنّة ، والطهارة وأمثالها مع كونها حقيقة عند جميع المتشرّعة ، حتّى النساء والصبيان في كلّ عصر ومصر.
والاستعمال في الأخبار أكثر من أن يحصى ، ومدار المجتهدين في مقام الاستنباط الحمل على هذا المعنى ، مع أنّ المثبت للحقيقة الشرعيّة مطلقا لا يثبتها بالنسبة إلى ما هو اصطلاح الفقهاء فقط ، ولذا لا يكتفون بتعريفاتهم للعقود والإيقاعات ، وغير ذلك بأنّه لغة كذا ، وشرعا كذا وكذا ، بل يطالبونهم بدليل كلّ قيد قيد ، فإن لم يثبت ينفون اعتباره.
وممّا يؤيّد عدم الاختصاص ، إنّ مرادفه بالفارسيّة ـ وهو « شيره » ـ أعمّ من العنبي والتمري والزبيبي ، والإطلاق [ ينصرف ] إلى الأعمّ ، فتأمّل!
__________________
(١) لاحظ! مجمع البحرين : ٣ ـ ٤٠٦.
(٢) لاحظ! كفاية الأحكام : ٢٥١ ، مسالك الأفهام : ٢ ـ ١٩٦ ، كشف اللثام : ٢ ـ ٢٦٩.