« فإذا كان أيّام الصيف وخشيت أن ينشّ .. إلى آخره » (١) ، إذ النشيش عندهم مثل الغليان لا يحرّم ، على أنّ التفرقة بين ذهاب الثلثين في العنبي وذهابهما في التمري والزبيبي خلاف الإنصاف.
مع أنّه لو كان الأمر على ما قلتم لكان العنبي أولى بالأمر بإذهاب الثلثين ، لئلّا يعتريه السكر ، مع أنّا لم نجد فيه إلّا أنّه لو غلا حرم حتّى يذهب الثلثان ، فتأمّل! وممّا يقوّي دلالة هذه الروايات ، بل متنها ، ما يدلّ على الحرمة ، فلاحظ ، وتأمّل ما مرّ في حاشيتنا على نجاسة العنبي (٢) ، وحاشيتنا على دعوى شهرة حلّية التمري والزبيبي (٣).
ويقوّيها أيضا ، ما رواه زيد النرسي ، عن الصادق عليهالسلام : « عن الزبيب يدقّ ويلقى في القدر ويصبّ عليه الماء ، قال : حرام حتّى يذهب ثلثاه ، قلت : الزبيب كما هو يلقى في القدر ، قال : هو كذلك إذا أدّت الحلاوة إلى الماء فقد فسد ، كلّما غلى بنفسه أو بالنار فقد حرم ، إلّا أن يذهب ثلثاه » (٤) وهذه صريحة في المدّعى ، ومن جهة السند يكفي لتقوية الدلالة ، إذ الأحاديث الضعيفة تؤيّد وتقوّي ، لو لم نقل بحجّيتها.
والقرائن في الأخبار بحسب دلالتها ، في الغالب أمور ربّما لا تخلو عن
__________________
(١) راجع الهامش السابق!
(٢) راجع الصفحة : ٦٧٨ من هذا الكتاب.
(٣) راجع الصفحة : ٦٨٣ من هذا الكتاب.
(٤) بحار الأنوار : ٦٣ ـ ٥٠٦ الحديث ٨ ، مستدرك الوسائل : ١٧ ـ ٣٨ الحديث ٢٠٦٧٦ ، وفيه اختلاف واضح في المتن ، ولكن أورده بهذه الألفاظ ـ المذكورة ـ هنا ـ في : الحدائق الناضرة : ٥ ـ ١٥٨.