فعلى تقدير صحّة جعل العلّة عامّا ، يكون حال تخصيصه حال تخصيص العام ، فتدبّر.
على أنّه ورد في الصحيح : « إذا كان حلوا يخضب الإناء ، وقال صاحبه : قد ذهب ثلثاه ، فاشرب » (١) ، فالظاهر أنّ مراده عليهالسلام من قوله : « أليس حلوا » أن أشرب ما دام هو حلو لم يتغيّر ، كما ورد عنهم عليهمالسلام في شراب السنة أنّه بعد ذهاب ثلثي العصير الّذي فيه وثلثي نفس الشراب لا بأس بشربه ، ما لم يتغيّر (٢).
فظهر من هذا فساد التأويل البعيد الّذي ارتكبه المحلّلون للتمري والزبيبي بالنسبة إلى روايات عمّار المتضمّنة للأمر بذهاب الثلثين بالغليان (٣) ، حتّى يحلّ الشرب وغيره من الاستعمالات المحرّمة قبل ذهاب الثلثين ـ على ما هو الظاهر منها ـ بأن يكون الأمر بالإذهاب لأجل أنّه قبل ذهاب الثلثين ربّما يعرضه السكر بسبب المكث وطوله.
وبهذا وجّهوا رواية علي بن جعفر (٤) أيضا ، إذ قد عرفت أنّ بعد ذهاب الثلثين أيضا ربّما يعتريه السكر ، فلذا أمروا بالشرب ما لم يتغيّر.
مع أنّه ينافي هذا التأويل ما في إحدى رواياته ، من قوله عليهالسلام : « وإن أحببت أن يطول مكثه عندك فروّقه » (٥) أي صفّه ، وكذا قوله عليهالسلام في تلك الرواية :
__________________
(١) الكافي : ٦ ـ ٤٢٠ الحديث ٦ ، تهذيب الأحكام : ٩ ـ ١٢١ الحديث ٥٢٣ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٢٩٣ الحديث ٣١٩٣٩.
(٢) لاحظ! الكافي : ٦ ـ ٤٢١ الحديث ١٠ ، تهذيب الأحكام : ٩ ـ ١٢١ الحديث ٥٢٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٢٩٥ الحديث ٣١٩٤٥.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١١ ـ ٢٠٤ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٣٧٩ الحديث ٣٢١٧٤.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ١١ ـ ٢٠٣ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٢٩٥ الحديث ٣١٩٤٥.
(٥) الكافي : ٦ ـ ٤٢٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٢٨٩ الحديث ٣١٩٣٠.