مع أنّ التقيّة واجبة في شرب الخمر أيضا ، كما يظهر من الأخبار (١) ، وغيرها ، مع أنّه من المسلّمات أن لا تقيّة في الدماء (٢) ، والشيخ ألحق بها الجراحات فقط ، لما فيها من الدم (٣) ، ولم يلحق المقام أصلا ، مع أنّ شاربها يعذر إلّا في الثالثة أو الرابعة على حدّ سائر المحرّمات ، ولا يقتل إلّا أن ينكر تحريمها ، لأنّ المنكر له ينجرّ إنكاره إلى إنكار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد علمت أنّ في إنكار الرسالة تتحقّق التقيّة ، بل وفي سبّ الرسول أيضا كما تحقّق عن عمّار ، ونزل فيه ( إِلّا مَنْ أُكْرِهَ ) الآية (٤) ، فإذا كان في سبّ الرسول وإنكاره يتحقّق التقيّة ، ففي شرب الخمر بطريق أولى بمراتب ، لما عرفت.
ومعلوم أنّ التقيّة لحفظ النفس ، مع أنّ الأخبار الّتي تمسّك بها الشيخ علّل فيها النهي عن الشرب بأنّ الشرب يقتله أو يضرّه ، فمن جهة حفظ النفس وانعدام الضرر نهوا عليهمالسلام عنه ، فكيف يؤمر بهلاك النفس تنزّها عن الشرب؟! وفي « المحاسن » ، في الصحيح ، عن محمّد بن مسلم وعدّة ، قالوا : « سمعت (٥) أبا جعفر عليهالسلام يقول : التقيّة في كلّ شيء ، وكلّ شيء اضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه الله له » (٦).
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٦ ـ ٢١٦ الحديث ٢١٣٩٨.
(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ١٦ ـ ٢٣٤ الباب ٣١ من أبواب الأمر والنهي.
(٣) لم نعثر على ما ذكره في كتب الشيخ الطوسي ، إنّما نقله عنه الشهيدان في : الدروس الشرعيّة : ٢ ـ ٤٨ ومسالك الأفهام : ١ ـ ١٣١. وقد أفتى بذلك أيضا : الحلبي في : الكافي في الفقه : ٣٨٧ ، وهو الظاهر من ابن إدريس في : السرائر : ٢ ـ ٢٠٣ ، ولمزيد من الاطّلاع راجع : مفتاح الكرامة : ٤ ـ ١١٦.
(٤) النحل ١٦ : ١٠٦ ، لاحظ! التبيان في تفسير القرآن : ٦ ـ ٤٢٨.
(٥) كذا ، وفي المصدر : ( سمعنا ).
(٦) المحاسن للبرقي : ١ ـ ٤٠٣ الحديث ٩١٢.