موجود ، لما ستعرف أنّ صحّة البيع والشراء مجمع تكليفات كثيرة لا تحصى ، واجبات ومحرّمات ، مثل : وجوب الإقباض والتقبّض ، وإعطاء الأرش في مواضعه ، وردّ الثمن في مواضعه ، وتحمّل مقدّمات القبض والإقباض ، وإسقاط الخيارات ، وغير ذلك ممّا لا يخفى على المطّلع ، بخلاف الوصيّة ، فإنّها تثمر بعد موت الموصي ، والعتق ، فإنّه من الإيقاعات ومع ذلك من العبادات ، لعدم تحقّقه بغير نيّة القربة ، وتحقّق في محلّه أنّ الصبي مكلّف بالمستحبّات ، وهي صحيحة شرعيّة إذا صدرت منه ، ومع ذلك قهري ، ذلك في أكثر الموارد.
وممّا ذكر ظهر حال الصدقة بالمعروف ، مع أنّها من العقود الجائزة ، ومع ذلك القبض شرط في صحّتها على الأقوى ، أو مثل صحّتها.
وبالجملة ، الفارق كثير ، مضافا إلى أنّ عدم جواز بيعه وشرائه منصوص بالنصّ الّذي لا تأمّل في حجيّته ـ كما ستعرف ـ ولا معارض له ، بخلاف ما ذكره إن ثبت من نصّ يكون حجّة ، ولا شبهة في كونه محلّ تأمّل وشبهة ، كما سيجيء في مواضعه.
قوله : وبالجملة ، ظاهر عموم الآيات والأخبار [ والأصل ] (١).
الاستدلال بعموم الآيات مشكل ، بل لا وجه له ، لأنّ ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٢) أمر واجب ، وبناء الصحّة على كون الوفاء واجبا والصبي ليس مخاطبا بالخطاب الواجبي إجماعا ونصّا.
وكذا الكلام في قوله تعالى ( إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً ) ، لأنّه استثناء من قوله ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ ) (٣) ، وأمّا ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٤) فهو أيضا مشكل
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٥٣.
(٢) المائدة ٥ : ١.
(٣) النساء ٤ : ٢٩.
(٤) البقرة ٢ : ٢٧٥.