وفيه أنّ قوله : « يحرم تفتيش ما وراء ذلك .. إلى آخره » يأبى عن ذلك ، ومع ذلك يتحقّق لمن هو في أوائل البلوغ من دون ملكة ، وعدم قبول شهادته في غاية الغرابة والبعد عن الشرع ، وهذا من مبعدات القول بالملكة.
بل يظهر ممّا ذكرنا أنّ القول بها أردأ وأظهر فسادا من اعتبار ستر جميع العيوب بالنحو المذكور في الصحيحة.
وبالجملة ، هذا لا يدلّ على الملكة ، ولا على حسن الظاهر ، إذ لعلّه دون ما يظهر منها ، ومع ذلك يكفي عند القائل بها تحقّقها بالنسبة إلى القاضي خاصّة ، فلا يمنع من أن يظهر فسقه عند غيره ـ بل وعند كثير ـ ويجوز ثبوته عنده بشهادة العدلين ، بل والعدل الواحد في بعض المواضع ، ولا ينحصر في الشياع ، ويتحقّق فيه التعارض بين الجرح والتعديل وغير ذلك ، إلّا أنّ التوجيه ظاهر ، فتدبّر!
قوله : [ لا يدلّ على حصولها ] وهو مع اعتبار الملكية واضح .. إلى آخره (١)
لا يخفى ما فيه ، لأنّه مذهب مخالف لمذهبهم.
قوله : وظهور حال المسلم لا يقتضي حصولها ، على أنّه معارض بما تراه من أكثر المسلمين ، فإنّك إذا عاشرت الناس خصوصا في السّفر ، وبالمعاملة عرفت أنّ أكثرهم غير عدل ، وهذا لم يوجد (٢) إلّا نادرا .. إلى آخره (٣).
لا يخفى أنّ الظاهر منهم أنّ القاعدة الشرعيّة اقتضت البناء على أنّ المسلم ما فسق ، وحمل جميع أفعاله على الصحّة ، على ما يشير إليه تعليلاتهم ، فقوله : ( وذلك لا يقتضي .. إلى آخره ) (٤) فيه ، أنّ العدالة عندهم ليست إلّا نفس صدق
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٦٧.
(٢) كذا ، وفي المصدر : ( ولهذا لم يوجد ).
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٦٧.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ١٢ ـ ٦٧.