ولأنّ عقد المكره عقد عرفا ، فإذا وقع الرضا صحّ شرعا ، لأنّ الرضا شرط شرعا ، ولهذا يقول الفقهاء بأنّ عقد الهازل لا ينفعه الإجازة لعدم كونه عقدا عرفا ، ولا يقولون : إنّه وقع العقد أو أوقعه ، فتأمّل جدّا.
وقوله : [ والفرق بين كلامهم بأنّه ] لا اعتبار [ به ] .. إلى آخره (١).
فيه ، أنّه لا اعتبار من حيث عدم الرضا لا مطلقا ، وأمّا الصبي والمجنون فمطلقا من حيث إطلاق كلامه ، فليلاحظ وليتأمّل ، ولا يكتفى بمجرّد الدعوى.
قوله : وعدم الأكل بالباطل إلّا أن تكون تجارة عن تراض .. إلى آخره (٢).
إذا حصل الرضا حصل التراضي ، وهو كاف عنده رحمهالله على ما مرّ منه ، مع إصراره ومبالغته في ذلك ، هب إنّه ما وقع عقد.
على أنّ وجود العقد كيف يصير سببا بعدمه سببا لوجوده؟! وكذلك الحال في البيع ، وهذا عجب.
وأمّا عند المشهور ، فلأنّه عقد أوقعه كرها ، ورضاه شرط صحّته ، فإذا حصل حصلت ، لاستجماع جميع الشرائط ، ولم يثبت اشتراط المقارنة ، بل الثابت خلافه بمقتضى الأصل ، فيشمله العمومات ، مثل ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وغيره ، فالمقتضي موجود والمانع مفقود.
وبالجملة ، عقد المكره عقد كرها وبيع كرها عندهم وعند أهل العرف ، إلّا أنّه فاسد شرعا ، بمعنى عدم تحقّق أثر من حينه إلى أوان الرضا إن حصل ، وإلّا فمطلقا ـ والمراد من الأثر : الانتقال وغيره من الآثار الشرعيّة ـ فالرضا شرط لا جزء كما ذكر. وإن ضايقت عن ذلك نقول : بعد تحقّق الرضا تحقّق العقد ، لعدم
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٥٦.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٥٦.