الثاني : قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ حكم القليل المتّصل بالمعتصم من الكرّ أو الجاري أو الغيث حكمه في عدم الانفعال سواء تساوى سطحاهما أو اختلفا ، ويأتي على قول من لا يقول بتقوّي الأعلى بالأسفل عدمه هنا أيضا. ولو كان القليل أسفل ، فالظاهر عدم الخلاف في اعتصامه به كما عرفت من حكمهم.
الثالث (١) : المعروف من المذهب أنّ بلوغ الماء حدّ الكرّ باعث على العصمة من الانفعال بملاقاة النجاسة من غير فرق بين كون الماء في الغدران والقلبان (٢) أو الأواني والحياض وغيرها.
وقد اشتهر حكاية الخلاف فيه عن المفيد رحمهالله في المقنعة (٣) والديلمي في المراسم (٤) ويستفاد ذلك أيضا من الشيخ رحمهالله في النهاية (٥) في خصوص مياه الأواني حيث أطلق القول بانفعالها وفصّل في مياه الغدران بين الكرّ ودونه. والظاهر حملها على صورة القلّة ؛ إذ هو الغالب فيها بخلاف الغدران.
ولا يبعد أن يحمل عليه عبارة المقنعة والمراسم وإن صرّحا بنجاسته (٦) مع الكثرة حملا للكثرة على العرفيّة دون الكرّية ؛ إذ اشتمال الآنية (٧) على الكرّ في غاية الندرة.
وكذا الحياض المصفوفة (٨) الّتي تسقى منها الدوابّ ونحوها. والحياض المعمولة في هذا الزمان غير معلوم الاشتهار في تلك الأعصار.
__________________
(١) في ( د ) : « ثالثها ».
(٢) في ( ب ) : « القليبان ».
(٣) المقنعة : ٦٤ ـ ٦٦.
(٤) المراسم العلوية : ٣٦.
(٥) النهاية : ٣ ـ ٤.
(٦) في ( ألف ) : « بنجاسية ».
(٧) في ( د ) : « الآية ».
(٨) في ( د ) : « المصنوعة ».