وكذا الحال في عموم « كل ماء طاهر » (١) إن جعلناه (٢) مغايرا للاستصحاب لكون الحكم فيه مغيّى بالعلم ، وهو حاصل من جهة قيام الدليل الشرعيّ.
وما يقال من أنّ العلم ظاهر في اليقين وهو غير حاصل بالاستصحاب ونحوه منقوض بحكمهم بالنجاسة قطعا من جهة قيام الدليل الشرعيّ على الحكم كالأدلّة القائمة على انفعال القليل أو نجاسة عرق الجنب من الحرام ونحوهما. والحال أنّ الأدلّة المذكورة لا يفيد اليقين في نفسها.
وأمّا انتهاؤها إلى اليقين للدليل القاطع على حجيّتها فهي قاضية بالعلم القطعي بالحكم ، فيجب البناء على مقتضاها في المقامين.
ولتفصيل الكلام في هذا المرام مقام آخر.
ثانيها : أن يكون الشكّ في طروّ نقص على الماء بعد العلم بكرّيته.
ولا شكّ إذن في البناء على أصالة البقاء على الكرّية مع اعتضادها بأصالة الطهارة والعمومات المذكورة. وهو مما لا كلام فيه.
ثالثها : أن يكون الشكّ في القدر الناقص إذا علم بنقصان شيء منه ودار الأمر بين بلوغه إلى حدّ يوجب نقصه عن الكرّ وعدمه. والحكم فيه كسابقه ؛ لأصالة القلّة في القدر الناقص وأصالة الطهارة في الماء.
رابعها : أن يكون القدر الناقص معلوما ويكون الشكّ من جهة الشكّ في مقدار أصل الماء ، فيحتمل فيه البناء على أصالة القلة فيؤخذ بالقدر المتيقّن. ومعه يلزم الخروج عن الكرّية بالنقص المفروض.
ويشكل بأنّ الماء قد كان محكوما بكرّيّته قبل طروّ النقص ، فالأصل البقاء عليها إلى أن يعلم المخرج.
__________________
(١) في ( ب ) زيادة : « .. إلى آخره ».
(٢) في ( ب ) : « جعلنا مغاير الاستصحاب ».