وفيه : أنّ المحكوم بكرّيته هو مجموع الماء بطروّ (١) النقص تغيّر (٢) الموضوع إذ لم يحكم أولا بكريّة الباقي حتى يستصحب الحال.
ويدفعه أن ذلك ليس من استصحاب الحكم حتّى يتنازع فيه بتغيّر الموضوع بل هو من قبيل استصحاب نفس الموضوع فانّ الكرّ قد كان موجودا قبل النقيصة فالأصل بقاؤه بعدها حتّى يعلم الخلاف.
ومع الغضّ عن ذلك فتأخذ الحكم في المقام العصمة عن الانفعال ، فإنّ القدر الباقي قد كان معصوما من الانفعال قبل النقص ، فالأصل بقاؤه عليه بعده.
ويتوجّه عليه أنّ الأصل عدم الزيادة في مقدار الماء ، فلا يحكم بها إلّا على مقدار اليقين ، وحينئذ بعد العلم بحصول النقص المفروض يثبت القلّة أخذا بالأصل المذكور ، وهو حاكم عى أصالة بقاء الكر وأصالة بقاء العصمة ؛ إذ الحكم بهما مغيّى بحصول العلم بالقلة ، والمفروض أنّ الأصل المذكور دليل شرعي عليها من دون معارض يدفعه سيّما لو كان الماء قليلا في الأوّل فحصلت الزيادة شيئا فشيئا فشكّ في مقدار الماء الزائد ، خصوصا لو كان ذلك لاحتمال حصول الزيادة بعد الزيادة ، بل لا يبقى الشك (٣) في مثله في الحكم بالقلّة.
مضافا إلى أنّه قد يناقش في كونه من استصحاب الأمر فيه إلى الشكّ في بقاء الكرّية مع اختلاف ما لو تعلّق به اليقين الأوّل قطعا ، كيف ولو قيل بكون استصحاب بقاء الكرّ من استصحاب الموضوع لكونه متعلّقا بجملة من الأحكام جرى مثله في كثير من موارد الاستصحاب.
وهو كما ترى.
خامسها : أن يعلم نقصانه من الكر أوّلا وقد زيد عليه ما يشكّ معها في البلوغ إلى حدّ الكرّ إمّا للشكّ في مقدار الزائد أو في مقدار الماء أوّلا أو فيهما.
__________________
(١) في ( د ) : « فيطّرد ».
(٢) في ( د ) : « بغير ».
(٣) في ( ج ) : « لا ينبغي التأمّل ».