ولو أجري الماء إلى (١) البئر فسرى في أعماق الأرض ثمّ خرج بعد ذلك على سبيل النبع أو الرشح اندرج في حكم البئر في وجه قوي ، ويعتبر فيها البعد عن وجه الأرض ، فلو أشير إليه في الحد كان أولى ويرجع في مقدار البعد إلى العرف.
وظاهر الشيخ في التهذيب تنزيل العيون (٢) الراكدة منزلة البئر. وإليه ذهب ابن القطان في المعالم وبعض المتأخرين. فإن أريد بذلك دخولها في اسم البئر فهو بيّن الضعف بعد الرجوع إلى العرف ، وإن أريد مجرّد إلحاقها بها في الحكم فكذلك أيضا ؛ لعدم وضوح دليل على الإلحاق مع ما للبئر من الأحكام المخالفة للأصل. فالأقوى إذن إلحاقها على القول بعدم عاصميّة (٣) المادة إلى المياه المحقونة ، وإلّا فالأقوى اعتصامها وجريانها مجرى الجاري كما مرّ.
ويظهر من المفيد رحمهالله مخالفته في الحكم للجاري والراكد والبئر ، وهو غريب.
ويعتبر أيضا في صدق البئر أن يكون على النحو المعتاد وما يقاربه فلو حفر سرداب ونحوه إلى أن ظهر الماء لم يكن بئرا.
وفي جريان حكمها فيه وجهان ، ومقتضى الأصل عدمه.
وما اعتبر في الحد من عدم جريان الماء وتعدّيه عن النبع (٤) هو الظاهر من إطلاق البئر في العرف ، فالقنوات الجارية تحت الأرض بحكم سائر المياه الجارية سواء ظهرت على وجهها أولا.
وعن بعض أفاضل المتأخرين صدق البئر مع الجريان أيضا كما في أكثر آبار المشهد المقدس الغروي ـ على مشرفه آلاف السلام ـ ، وحينئذ فيندرج آبار القنوات الجارية في محلّ البحث ، وهو بعيد جدا.
__________________
(١) في ( د ) : « في ».
(٢) في ( ب ) : « العنوان ».
(٣) في ( ألف ) : « عاصمة ».
(٤) في ( د ) : « المنبع ».