واشتهار خلافه بين المتأخرين حتى أنّه استقر المذهب عليه.
مضافا إلى معارضتها بالأخبار الصحيحة الدالّة على خلافها الراجحة عليها من وجوه شتّى.
وأمّا عن أخبار النزح فبعدم وضوح دلالتها على النجاسة بل عدم ظهورها بل وظهورها في خلافها كما لا يخفى على المتأمّل فيها حسب ما مرّت الإشارة إليه. كيف وقد حكم في بعضها بعدم لزوم غسل ما لاقاه قبل العلم بوقوع النجاسة فيها ، وورود جملة منها في ورود جملة من غير النجاسات عليها كوقوع العقرب والوزغ ونحوهما مع الاختلاف الفاحش في مقدار النزح مع اعتبار أسانيد عدّة منها.
إلى غير ذلك ممّا يظهر للمتأمّل فيها.
وفهم الجماعة منها ذلك إنّما يتمّ به قصورها في الدلالة لو لا ما يعارضه من شواهد خلافه.
مضافا إلى معارضته فهم المتقدمين بما فهمه المتأخّرون ، والشهرة من القدماء بالشهرة المتأخرة ، فيتساقطان بل لا يبعد ترجيح الثاني في المقام لدقّة أنظارهم وملاحظتهم لمعظم الوجوه المرجّحة واجتماع الآثار المرويّة عندهم.
والظاهر أنّ مستند القدماء في الفهم المذكور هو ما أشرنا إليه دون أن يكون هناك أمر آخر دعاهم إلى الحمل عليه ، وإلّا لأشير إليه ولو في كلام البعض ، ولما تنبّه المتأخرون لضعف الحمل المذكور نظرا إلى الوجوه الموهونة له عدلوا عن ذلك حتى استقرّ المذهب على خلافه.
وأمّا عن الأخبار الخاصّة (١) فبأنّها لا تكافئ الصحاح الدالّة على الطهارة المعتضدة بغيرها من الأخبار المعتبرة ؛ إذ هي أوضح استنادا وأصرح دلالة وأكثر عددا منها مع (٢) اعتضادها بالأصول المتعدّدة وسائر الوجوه المؤيّدة لها جدّا حتّى كاد (٣) أن يبلغ بها إلى درجة القطع ، وقد عرفت الحال في الشهرة المعاضدة لها.
__________________
(١) في ( ب ) لم ترد : « الخاصّة فبأنّها .. من الأخبار ».
(٢) الزيادة من ( د ).
(٣) في ( ج ) : « كان ».