وقد احتجّ بها على كلّ من المذاهب المذكورة وهي كما ترى واضحة الدلالة على الأخير.
وقد قرّر الاحتجاج بها على الأوّل بوجوه :
منها : ـ وهو أقواها ـ أنّ الترديد فيها بين الوجهين من الراوي ، ولا أقلّ من احتماله. ومعه فلا بدّ من العمل على الأكثر استصحابا بالنجاسة إلى حصول اليقين بالطهارة.
ويضعّفه بعد الاحتمال المذكور عن العبارة ولا موجب للصرف عن الظاهر.
ومنها : أنّ لفظة ( أو ) يجيء كثيرا في الكلام الفصيح للإضراب فيحتمل إرادته في المقام ، ومعه لا بدّ من العمل بالثاني لتحصيل اليقين.
وضعفه أظهر من الأول لبعد الاحتمال المذكور. ولو صحّ مجيئه للإضراب في الكلام الفصيح فهو في غاية الندرة ، فكيف يحصل الشكّ من جهته في الإطلاق؟!
مضافا إلى أنّ الإضراب ممّا يومي إلى حصول السهو في الأوّل حيث أعرض عنه بعد ذكره وهو لا يناسب كلام الأئمّة عليهمالسلام.
ومنها : ما ذكره العلّامة رحمهالله في المختلف (١) ، وأشار إليه الشيخ في التهذيب في الرواية الواردة في الكلب كما سيجيء ، وهي أنه مع العمل بالأكثر يحصل اليقين بالبراءة بخلاف البناء على الأقل.
وهو أيضا ضعيف ، بل لا وجه له أصلا.
وقد يوجّه ذلك بأنّ ( أو ) في المقام كما يحتمل التخيير كذا يحتمل الترديد ؛ إذ هو أيضا (٢) من معانيه فلا يقضي بعض المصالح كإرادة (٣) الإبهام وحينئذ فلا بدّ من الأخذ بأكثر الأمرين ، وهو أيضا بمكان من البعد.
وقد يقال بأن الرواية قد دلّت على حصول الطهر بكلّ من الوجهين المذكورين إلّا أنّها ضعيفة لا يتم الاحتجاج بها إلّا مع حصول الجابر ، وهو حاصل بالنسبة إلى الأخير دون
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ / ٢١٦.
(٢) لم ترد في ( ب ) : « من معانيه .. وهو أيضا ».
(٣) في ( ج ) : « لإرادة ».