وقد وقع الكلام في طهارته والعفو عنه مع نجاسته ، فظاهر الأكثر هو الأوّل. وحكي الشهرة عليه في كلام جماعة ، ونسب خلافه إلى الشذوذ في المجار (١). واستقرب الشهيد في الذكرى القول بالعفو ، وحكي عن ظاهر المنتهى.
وكلام المحقّق في المعتبر مضطرب في المقام. ومن الأصحاب من توهّم التدافع بين النجاسة والعفو فنزّل كلام القائل بالعفو على إرادة سلب الطهوريّة ، وحكى ذلك عن ظاهر الذكرى ، ولا دلالة في عبارته عليه.
ومن الغريب أن صاحب الحدائق مع جعله ثمرة البحث في جواز التناول والاستعمال ورفع الخبث أو الحدث أيضا نصّ على أنّ مقصود القائل بالعفو هو سلب الطهورية.
ومن الواضح عدم تفريع تحريم التناول عليه.
والذي يقوى في النظر عدم المنافاة بين النجاسة والعفو المذكور ؛ إذ من الظاهر أنّ الطهارة والنجاسة من الأحكام الوضعية (٢) الثابتة للأشياء مع قطع النظر من الأحكام الشرعيّة التابعة لها ، غاية الأمر أنّه مع عدم تفريع (٣) شيء من الأحكام الشرعيّة عليها يكون تشريعها لغوا. وهاهنا ليس كذلك ؛ إذ غاية ما يقولون فيه بالعفو هو عدم وجوب إزالته ، أما سائر أحكام النجاسة من حرمة التناول والاستعمال فباقية بحالها ، فارتفاع تابع من توابع النجاسة لا يوجب ارتفاع أصل الحكم.
ثمّ إنّ المراد بالعفو إمّا سقوط وجوب الإزالة لما يشترط بها بالنسبة إليه وإلى ما يلاقيه ، وحينئذ فيسري النجاسة الثابتة له إلى غيره على نحو ما ثبت له أو أنّ المراد سقوط حكم التنجيس عنه فهو لا يجب إزالته ، ولا ينجس ما يلاقيه فلا يثبت (٤) في ملاقيه شيء من أحكام النجاسة ، وكأنّ هذا هو الأظهر في مذهبهم.
__________________
(١) كذا في المخطوطات الثلاثة.
(٢) في ( ألف ) : « الوصف ».
(٣) لم ترد في ( ب ) : « تفريع شيء .. هو عدم ».
(٤) ما بين الهلالين مأخوذة من ( د ).