وعزاه في الحدائق (١) إلى صريح الأكثر.
وظاهر آخرين منهم عدم اشتراطه حيث لم يذكروا ذلك في شرائطه.
ويوجّه اشتراطه بذلك تارة بأنّه مع الرطوبة لا تنشف به المحلّ ، وتارة بأنّ البلل الذي فيه ينجس بالملاقاة ، فيسري منه النجاسة إلى الحجر ، ومع تنجّسه لا يصلح للتطهير.
وأخرى بأنّ الرطب لا يزيل النجاسة بل يزيد التلويث.
ودفع الجميع بأنّ المعتبر هو قلع النجاسة دون تنشيف المحلّ ، ولو من غير رطوبة النجس ، وإلّا لم يمكن التطهير بالماء.
ولو سلّم فهو إنّما يتمّ بالنسبة إلى المسحة الثالثة ، وإنّ تنجّس الحجر بذلك إنّما هو بواسطة نجاسة المحلّ لأجل الاستعمال ، وهو لا يضرّ بالحال ، وإلّا لم يمكن التطهير بالماء عند القائل بالانفعال وإنّ المفروض إزالة النجاسة بها ؛ إذ مع عدمها لا مجال للمقال.
قلت : غاية ما ثبت من الأدلّة انتفاء المانع من جهة تنجس الأحجار عن المحلّ ، وأمّا الرطوبة الحاصلة فيها فلا دليل على خروجها عن القاعدة ، فهي نجسة منجّسة للأحجار ، فلا يجوز استعمالها ؛ لما عرفت من اشتراطها بالطهارة لأنّها مع رطوبتها تسري النجاسة منها إلى المحلّ فينجس بها ، ولا دليل على العفو من الرطوبة النجسة الحاصلة منها ، ولا على الاكتفاء منها (٢) بالاستجمار.
وقياس ذلك على الرطوبة الباقية و (٣) الاستنجاء بالماء فاسد ؛ إذ لا شاهد على التسرية ، فيتعيّن في إزالتها الماء ، فلا فائدة إذن في التجفيف الحاصل بالحجر اللاحق ، فبملاحظة ذلك يتقوّى القول باعتبار الجفاف ، مضافا إلى اعتضاده بالاستصحاب.
نعم ، لو كانت الرطوبة الحاصلة فيه غير مسرية فالظاهر أنّه لا مانع عنها ، وكأنّها خارجة عن محلّ الخلاف.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢ / ٣١.
(٢) في ( د ) : « فيها ».
(٣) في ( د ) : « في ».