أما الأول : فيدل منه على الحكم المذكور في الجملة عدة آيات :
منها : قوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) (١) وقد وقع البحث في دلالة الآية (٢) الشريفة على مطهريّة الماء لما وقع من الكلام في معنى الطهور ، وجمهور الأمّة على دلالتها عليها ، وقد خالف فيه شرذمة من الجمهور يعني (٣) أبا حنيفة وبعض أتباعه. ومحصّل القول في ذلك أن جملة ما ذكر في معاني الطهور أمور خمسة :
أحدها : أن يكون مصدرا. حكاه جماعة من الأجلاء (٤) من أهل اللغة وغيرهم ، كالمطرزي في المغرب (٥) والراغب في المفردات والزمخشري في كشّافه وأساسه (٦) (٧) والفيروزآبادي (٨) والطبرسي والطريحي (٩) وصاحب الطراز ، وحكاه الطبرسي ونجم الأئمة والزمخشري وغيرهم عن سيبويه (١٠).
وحكى الأولين عنه أنه جاءت خمس مصادر على « فعول » بالفتح : قبول ووضوء وطهور وولوع ووقود ، وحكي مجيئه مصدرا عن الخليل والأصمعي والأزهري وغيرهم. وهو حينئذ مصدر لـ « تطهّر » فيكون بمعنى « التطهير » (١١) كما نصّ عليه في المغرب والنهاية (١٢) ، وهو ظاهر المفردات والكشاف ومجمع البيان والطراز.
__________________
(١) سورة الفرقان (٣٥) : ٤٨.
(٢) في ( الف ) : « آية ».
(٣) في ( د ) : « أعني ».
(٤) في ( د ) : « أجلاء ».
(٥) نقله عنه في مختار الصحاح مادة ( طهر ).
(٦) في ( د ) : « أسبابه ».
(٧) أساس البلاغة ٢ / ٨٦.
(٨) القاموس المحيط ٢ / ٧٩.
(٩) في مجمع البحرين ٣٧٨ / ٣.
(١٠) وحكاه أيضا في تاج العروس ١٢ / ٤٤٧ ( طهر ) عن سيبويه.
(١١) في ( د ) : « التطهّر ».
(١٢) النهاية ٣ / ١٤٧.