مع أن إفادة التوصيف قبل الإنزال كونه من صفات أصل الطبيعة غير معلومة. غاية الأمر أن يكون صفة للصنف (١) حاصلة له مع قطع النظر عن النزول ، فتدبّر.
ومنها : قوله تعالى : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ ) (٢)
والمشهور على ما حكي أنّها نزلت في بدر لمّا استبق الكفّار إلى الماء ، فاضطرّ (٣) المسلمون ونزلوا على تلّ من رمل وباتوا (٤) ليلتهم تلك من غير ماء ، فاحتلم أكثرهم فتمثّل لهم إبليس وقال : تزعمون أنكم على الحق وتصلّون بالجنابة ومن غير وضوء! وقد اشتدّ عطشكم ، وإذا أضعفكم (٥) العطش قتلوكم كيف شاءوا. فأنزل الله عليهم المطر وزالت تلك العلل وقويت قلوبهم ونزّل الله الآية (٦).
فيظهر بملاحظة ذلك دلالتها على الطهارة والطهوريّة من الحدث والخبث. ويجيء تعميم الحكم أيضا بعدم القول بالفصل على ما ذكرنا (٧).
ومنها : قوله تعالى في سورتي النساء والمائدة بعد ذكر الوضوء واغتسال الجنب فإن ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) (٨) ، فقد دلّ صدر الآيتين على طهوريّة الماء من الحدث الأصغر والأكبر ، ودلّ عجزها على شمول الحكم لجميع المياه حيث علّق جواز العدول إلى التيمّم على فقدان الماء مطلقا.
__________________
(١) في ( ألف ) : « المصنّف ».
(٢) الأنفال (٨) : ١١.
(٣) في ( د ) : « المصطبر ».
(٤) في ( د ) : « فيأتوا ».
(٥) في ( د ) : « أضعتكم ».
(٦) في ( د ) : « ونزلت الآية ».
(٧) في ( د ) : « ما ذكر ».
(٨) النساء (٤) : ٤٣ والمائدة (٥) : ٦.