قال في جامع المقاصد (١) : إنّ الجاري لا عن عين من أقسام الراكد يعتبر فيه الكرّيّة اتفاقا ممّن عدا ابن أبي عقيل.
وظاهر ذلك خروج الجاري عن الموادّ الظاهرة كبعض البحيرات أو الغدران الواسعة التي يجتمع فيها السيول.
وكأنّه الأظهر ؛ إذ لا يزيد حكمه على حكم أصله ، وإطلاق الجاري عليه مع عدم المعرفة بأصله لا يدلّ على صدقه عليه ، ولذا يصحّ سلبه عنه بعد المعرفة بحالة ، لكنّ الظاهر عدم فائدة يعتدّ (٢) بها في ذلك ؛ لما سنبيّن من اتحاد الماء المفروض والجاري في الحكم.
ومثل ذلك ما (٣) يجري من الثلوج ولا تأمّل هنا في اعتبار الكرّية فيه ، فيجري عليه أحكام الواقف.
وذهب شذوذ من المتأخّرين إلى صدق الجاري على غير الجاري من العيون ، وظاهره صدقه بمطلق الجريان إلّا أنّه اعتبر في حكمه وجود المادّة ، واكتفى فيها بوقوع جزء من الماء فوق موضع الملاقاة.
وهو بمكان من الضعف.
ولا يعتبر فيه كون مادّته تحت الأرض ، بل لو نبع من فوق كما في بعض العيون النابعة من صفحات الجبال كان جاريا قطعا ، فاعتبار بعض الأصحاب (٤) نبعها من تحت الأرض محمول على ما يشمل ذلك أو على الغالب.
وهل (٥) يعتبر فيه حصول الجريان أو يكتفى في صدقه بمطلق النبع أو مع كونه غير البئر؟ وجوه ؛ أقواها الأوّل لظاهر العرف ، وهو الظاهر من جماعة من الأصحاب وصريح البعض.
__________________
(١) جامع المقاصد ١ / ١١٠.
(٢) لم ترد في ( د ) : « يعتدّ ».
(٣) لم ترد في ( د ) : « ما ».
(٤) في ( ج ) : « المتأخرين » ، بدل : « الأصحاب ».
(٥) في ( ب ) : « هو ».