الواقعي مع العلم به إجمالا ، وظاهر أنّ ارتفاع وجوب الاجتناب عن الأصلين بتعذّر أحدهما لا يوجب ارتفاع السبب المقتضي لوجوب اجتناب الفرعين.
واستصحاب عدم وجوب الاجتناب عنهما السابق على العلم بملاقاة أحدهما النجس الواقعي كما توهّم في أحد شقّي الوجه الثالث.
يزيّفه : أنّ الاستصحاب المذكور مع العلم إجمالا بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما ممّا لا حكم له ، وتبعيّة الملاقي للأصل الباقي له في وجوب الاجتناب حدوثا وارتفاعا قد عرفت منعها بكونه تابعا لواقعته الّتي هي من الشبهة المحصورة بالاستقلال.
وخامسها : إذا لاقى المشتبهين طاهران ثمّ فقد من الملاقيين أحدهما ومن الأصلين أيضا أحدهما لكن على وجه التعاكس ، حتّى بقي من الملاقيين ما لاقى الأصل المفقود ومن الأصلين ما لاقاه الملاقي المفقود ، ففي انعقاد واقعة الشبهة المحصورة حينئذ بهما فيجب اجتنابهما احتمال خال عن الوجه ، بل الوجه هو العدم لارتفاع العلم الإجمالي في كلّ منهما بتعذّر أحدهما ، فيعود الشكّ بالنسبة إلى الباقي من كلّ منهما إلى التكليف ، فيجري في كلّ ما هو بحسبه من الاصول ، لبقائه سليما عن معارضة مثله ومزاحمة العلم الإجمالي ، ولا أثر بعد ذ لك للعلم إجمالي الثالث المنتزع عن الباقيين باعتبار قضاء التعاكس بكون الباقي من الأصلين نجسا أو الباقي من الملاقيين متنجّسا ، إذ لا يعلم بكون الأوّل في واقعته فردا من النجس ولا بكون الثاني في واقعته فردا من المتنجّس.
وفيه : أنّ هذا في الحقيقة من قبيل الفرع الثالث ، والعلم الإجمالي المتولّد من الانضمام كاف في توجّه الخطاب بالاجتناب وإن كان متعلّقه مردّدا بين النجس والمتنجّس ، وهذا أيضا مانع من العمل بالأصلين معا ، لكون الشكّ معه من الشكّ في المكلّف به بعد اليقين بالتكليف ، فيجب الاجتناب عنهما معا مقدّمة ليقين الخروج عن عهدته.
وسادسها : إذا فقد أحد المشتبهين اللذين تنجّس أحدهما بالملاقاة ، فقد ظهر من تضاعيف كلماتنا المتقدّمة أنّ الوجه بالنسبة إلى الباقي جواز الارتكاب ، لعود الشكّ بالنسبة إليه ابتدائيّا ، لارتفاع العلم الإجمالي الموجب لكون الشكّ في المكلّف به ، من غير فرق فيه بين كون الفقدان بعد ملاقاة النجاسة وقبل العلم بالملاقاة أو بعدهما معا على الأقرب.
وقد يتخيّل الفرق بينهما بوجوب الاجتناب عن الباقي في الثاني ، لكون المتعذّر في حكم المتروك ، وكما أنّ ترك أحد المشتبهين بعد العلم الإجمالي وتوجّه الخطاب لا يجوّز