.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا بالنظر إلى الوصف العنواني الذي بملاحظته جُعِل موضوعاً لحكمٍ من الأحكام بأن كان الأثر مترتّباً على صنف خاصّ من الطبيعة فلا مناص من الالتزام بالاستهلاك من هذه الجهة.
فلو فرضنا أنّ ماء البئر لا يجوز التوضؤ به ، فمزجنا مقداراً منه بماء النهر ، فالاستهلاك بالنظر إلى ذات الماء غير متصوَّر ، إذ لا معنى لاستهلاك الماء في الماء كما ذُكِر ، وأمّا بالنظر إلى الخصوصيّة أعني : الإضافة إلى البئر فالاستهلاك ضروري ، بمعنى : أنّ هذه الإضافة غير باقية بعد الامتزاج فيما إذا كان المزيج قليلاً ، ولا موضوع لتلك الحصّة الخاصّة ، فلا يطلق على الممتزج أنّ هذا ماء البئر ، أو أنّ فيه ماء البئر ، فالماء بما هو ماء وإن لم يكن مستهلكاً ولكن بما هو ماء البئر مستهلكٌ بطبيعة الحال.
ومن هذا القبيل : ما لو أخذنا مقداراً من الماء المغصوب وألقيناه في الماء المباح بحيث كان الأوّل يسيراً جدّاً في قبال الثاني ، كما لو ألقينا مقدار كرّ من الماء المغصوب في البحر ، أو مقدار قطرة منه في الكرّ ، أفهل يمكن التفوّه بعدم جواز الاستعمال من البحر أو من الكرّ ، بدعوى حصول الامتزاج وامتناع الاستهلاك في المتجانسين؟
فإنّ هذه الدعوى صحيحة بالنظر إلى ذات الماء ، وأمّا بالنظر إلى صفة الغصبيّة والإضافة إلى ملك الغير فغير قابلة للتصديق ، إذ لا موضوع بعدئذٍ لمال الغير كي يحرم استعماله ، فالاستهلاك بهذا المعنى ضروري التحقّق ، لعدم بقاء القطرة مثلاً على حالها.
وملخّص الكلام : أنّه قد يلاحظ الاستهلاك بالنسبة إلى ذات الشيء ، وأُخرى بالنظر إلى صنف خاصّ وصفة مخصوصة ، والأوّل ليس متصوّراً في المتجانسين ،