.................................................................................................
______________________________________________________
كونه من الطريق العادي وغيره ، وعدم الفرق في المأكول والمشروب بين المتعارف وغيره ، وعدم الفرق أيضاً بين القليل الكثير ، كلّ ذلك لإطلاق الأدلّة السليم عمّا يصلح للتقييد حسبما عرفت بما لا مزيد عليه.
ثمّ إنّ الماتن (قدس سره) رتّب على ما ذكره من عدم الفرق بين القليل والكثير : أنّ الخيّاط لو بلّ الخيط بريقه أو غيره ثمّ ردّه إلى الفم فليس له أن يبتلع البلّة الموجودة على الخيط ، إذ بالخروج عن الفم صارت البلّة من الرطوبة الخارجيّة ، فلا يجوز ابتلاعها وإنّ قلّت ، إلّا إذا استهلكت بريقه على وجهٍ لا يصدق عليها الرطوبة الخارجيّة ، على ما سيجيء من عدم البأس بابتلاع الريق والبصاق المتجمّع في الفم (١) ، فبعد فرض الاستهلاك الموجب لانعدام الموضوع لا بأس ببلع الريق ، فإنّه من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع.
وقد يُستشكل في ذلك بمنع تحقّق الاستهلاك بعد فرض الاتّحاد في الجنس ، فإنّه إنّما يُتصوَّر في غير المتجانسين على ما ذكروه في الشركة ، كامتزاج التراب في الماء ، أو وقوع قطرة من البول في كرّ من الماء مثلاً الموجب لزوال الموضوع وانعدامه ، وأمّا المزج الحاصل في المتجانسين كما في المقام فهو موجب لزيادة الكمّية والإضافة على مقدارها ، فكأنّ الريق أو الماء عشرة مثاقيل مثلاً فصار أحد عشر مثقالاً ، وإلّا فالمزيج باقٍ على ما كان لا أنّه زال وانعدم ، فلا يُتصوَّر في مثله الاستهلاك.
ويندفع : بأنّ هذا إنّما يتمّ بالنظر إلى ذات المزيج ، فلا يعقل الاستهلاك بملاحظة نفس الممتزجين المتّحدين في الجنس وذاتهما ، طبيعة واحدة قد زيدت كمّيّتها كما أُفيد.
__________________
(١) في ص ١٠٥.