.................................................................................................
______________________________________________________
وأجاب كذلك ، فليس في هذه الجملة دلالة على أنّ الصوم صحيح ، لأنّ جملة : «وهو صائم» وجملة : «قد أفطر وعليه قضاؤه» متهافتتان بحسب الفهم العرفي ، نظير قوله : صحّت صلاته ، و: بطلت ، لأنّ قوله : «وهو صائم» معناه : أنّ صومه صحيح لا يحتاج إلى القضاء ، لاحتياج موضوع القضاء إلى الفوت ولا فوت معه ، ومقتضى قوله : «قد أفطر وعليه قضاؤه» أنّ صومه غير صحيح ، فهذا تناقض صريح بين الجملتين ، ولا محالة تصبح الرواية مجملة ، وعليه فلا بدّ من حمل جملة «وهو صائم» على أحد أُمور :
الأوّل : أن يراد بالصوم معناه اللغوي ، أعني : مطلق الإمساك ، وتكون الجملة في مقام الأمر. وحاصل المعنى : أنّ الصوم وإن بطل ووجب عليه القضاء إلّا أنّه يجب عليه الإمساك عن بقيّة المفطرات تأدّباً ، فإنّ ذلك من أحكام الإبطال في شهر رمضان ، فقوله : «وهو صائم» أي يبقى على إمساكه وإن وجب عليه القضاء.
وهذا الوجه بعيد ، لما ذكرناه في الأُصول (١) في بحث الأوامر من أنّ استعمال الجملة الاسميّة ك : زيد قائم في مقام الطلب غيرُ معهود في اللغة العربيّة ، بل منافٍ للذوق العربي كما لا يخفى. وإنّما المتعارف استعمال الجملة الفعليّة ماضيها ومضارعها ، مثل : أعاد ويعيد ونحو ذلك.
الثاني : أن تعود الجملة إلى الصدر ، حيث إنّ الراوي سأل عن مطلق الكذب في شهر رمضان من غير فرض كون السائل صائماً ، ولعلّ في ذهنه أنّ لشهر رمضان أحكاماً خاصّة ، ومن الجائز أن تكون للكذب في هذا الشهر الشريف خصوصيّة من كفّارة ونحوها وإن لم يصدر في حال الصوم ، فقيّده الإمام (عليه السلام) بأنّه قد أفطر وعليه القضاء إذا كان صائماً ، وأمّا غير الصائم
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣٧.