.................................................................................................
______________________________________________________
إذ ليس الغبار بأكل ولا شرب ، فلا بدّ من النظر فيما ورد من النصّ في المقام ، لنخرج على تقدير صحّة الاستدلال به عن مقتضى تلك الصحيحة.
روى الشيخ (قدس سره) بإسناده عن الصفّار ، عن محمد بن عيسى ، عن سليمان بن جعفر (حفص) المروزي ، قال : سمعته يقول : «إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو أستنشق متعمّداً أو شمّ رائحة غليظة أو كنس بيتاً فدخل في أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين ، فأنّ ذلك مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح» (١).
وهذه الرواية معتبرة سنداً ، إذ الراوي إنّما هو سليمان بن حفص لا سليمان بن جعفر ، فإنّه لا وجود له بتاتاً ، على أنّ الراوي عنه هو محمّد بن عيسى بن عبيد ، وهو يروي كثيراً عن ابن حفص ، ولا يبعد أنّ الاشتباه نشأ من مشابهة كلمة «حفص» مع «جعفر» في كيفية الكتابة ، وكيفما كان ، فسليمان بن حفص موثّق والرواية معتبرة ، كما أنّها واضحة الدلالة ، لتضمّنها أنّ الغبار بمثابة الأكل والشرب في مفطريّته للصائم ، بل ترتّب الكفّارة عليه.
غير أنّه نوقش في الاستدلال بها من وجوه :
أحدها : ما عن صاحب المدارك من المناقشة في سندها تارةً بالإضمار وأُخرى باشتماله على عدّة من المجاهيل ، ولأجله حكم عليها بالضعف (٢).
أقول : أمّا الإضمار فغير قادح بعد أن أثبتها مثل الشيخ في كتب الحديث ، ولا سيّما وأنّه ينقلها عن كتاب الصفّار ، لتصريحه في آخر التهذيب بأنّ كلّما يرويه
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٦٩ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٢ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٢١٤ / ٦٢١ ، الاستبصار ٢ : ٩٤ / ٣٠٥.
(٢) مدارك الأحكام ٦ : ٥١ ٥٢.